آخر الأخبار

12‏/2‏/2019

الاقليات هل هي تمثيل عددي ام تناوب على السلطة ؟



الأقلية مجموعة تضم أقل من نصف مجموع أعضاء مجموعة أكبر منها. وفي التصويت تكون الأقلية هي المصوتون أو الأصوات التي تكون أقل من 50% من الأصوات التي يدلى بها.

يتّفق العلماء والمفكرون وأصحاب الرأي والجمهور العام، في كثيرٍ من الأحيان، على أن الشاغل الرئيسي والحتمي في الشرق الأوسط المعاصر هو التنوع الديني، والحاجة إلى حماية «الأقليات» الدينية، فقد أصبح تدريجياً ما يُعرفُ بالأقليات الدينية سمةً أساسية من سمات السياسة الدوَلية. وعادةً تُنَاقَش هذه «الأقليات» على أنّها كيانات غير قابلة للتغيير، وأنها متميّزة بأصول سياسية متجانسة في الشؤون الدوَلية، وأيضاً كفئات تحليلية يمكن من خلالها فهم الشرق الأوسط بشكل سريع.

وسيشيرُ التحليل التالي إلى تجاهل الميزات المصطنعة للأقليات الدينية، كما الأغلبيات، في السياسة الدوَلية المعاصرة. وستعتمد الأمثلة التاريخية التالية على مفاهيم تفسيرية شاملة، لشرح الامتيازات المدنية أو الحرمان الإجتماعي، وسيتم تسليط الضوء على الصداقة أو العداوة التي تشكّل العلاقات بين «الأقليات» الدينية المختلفة.

في محاولة استقراء ظهور مصطلح «الأقليات» في الإنتاج العِلمي، يربط المؤرّخ بينجامين وايت في 2011 تاريخَ الأقليات بتكوين الدول القومية في الشرق الأوسط. وكتب وايت أن مصطلح «الأقليات» كان قد ظهر في الثلاثينات من القرن الماضي فقط بسبب البيروقراطية الفرنسية، التي كانت لا تزال تهيمن على البلاد في ذلك الوقت، وبسبب تدخّل الدولة في حياة الناس اليومية. وفعلاً ازداد استخدام مصطلح «الأقلية» خصوصاً في الفترة الّتي أعقبت الانتداب الفرنسي لسوريا في الأربعينات. ومن ثم بدأت الدولة في الشرق الأوسط الحديث تُمثّلُ الناس بشكلٍ جماعي، كما بدأ كل عنصرٍ في المجتمع ينظر إلى نفسه بوصفه قابلاً للتصنيف، إمّا بناءاً على استياء الأقليات من حرمان أفرادها من الخدمات المجتمعية، أو على إشباع الأغلبيات نتيجةً للإشراك المجتمعي. وفي الواقع، يشيرُ تمثيل هذه الفئات الاجتماعية بذاته إلى التماسك والتجانس.

وبناءاً على ما كان يصفه العالم الاجتماعي بيير بورديو بـ «الرأسمال الإعلامي والمعرفي»، تُعزى المسميات الطائفية إلى إرادات شعبية متنوعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وهكذا فإنه على سبيل المثال، يبدو من الطبيعي أن يُحكَم العراق بهيمنة نظام شيعي بعد عهد صدام حسّين، فقط لأنّ أغلبية السكان شيعة. وعلى نحو مماثل بعد أن بدأت في عام 2011 أزمة سياسية غير مسبوقة  في سوريا، فإنه لا يمكن الحكم دون اعتراض لدى الأغلبية السنية السورية كون النظام الحاكم من الأقلية العلوية. وكذلك بما أنه من السائد لدى الخبراء أنّ أكثرية الناس في البحرين شيعة، لذا فإنهم يحتاجون إلى نظام شيعي لإنهاء السخط المحلّي وتلبية المطالب بالحرّية. وأيضاً من السائد التفكيرُ أن السلطة الحاكمة في إيران مستقرّة، فقط بفضل ائتلاف شيعي حاكم على الأغلبية الشيعة الساحقة.

يستطيعُ الإنسان عن طريق فهم ماضيه أن يشعر بواجب المحافظة على الوعي الجماعي, إذ إنّ الارتباط المباشر بين الأغلبيات وفكرة الهيمنة، وبين الأقليات وفكرة التبعية، يُلقي بظلّه على مواقع السلطة المتغيرة التي تُكوّن أساس العلاقات المجتمعية. وفي هذا الصدد, تقدم الثورة السورية حالةً مثاليةً من خلال تصويرها على وسائل الإعلام الدوَلية، وبشكلٍ سابقٍ لأوانه، كحربٍ أهلية، أو عبارة عن مجموعة مطالب طائفية ومتحيزة للأغلبية السنية. ومن المضلّل القول إنّ تحرير الأغلبية السنية يؤدي إلى اضطهاد الأقليات، وبالإضافة إلى ذلك يحجب هذا الاعتقاد توزيع السلطة الواقعي في المجتمع السوري. ومع ذلك, فقد قلّل هذا التفسير للحقائق الاجتماعية في سوريا من التضامن الدوَلي مع المتظاهرين السوريين، على خلاف الثورتين المصرية والتونسية.

وفي الواقع، تتراوح درجة تعاطف المجتمع الدوَلي مع قضايا سياسية معينة, حيث يقوم بالتدخل العسكري في الشرق الأوسط على أساس الاحتياج المضلّل إلى حماية الأقليات الأساسية المقيمة في الإقليم. وفي هذا السياق، يتم التلميح لازدواجية المعرفة بالأغلبيات والأقليات. على سبيل المثال، إنّ وصف الأكراد بالأقلّية في العراق وإيران وسوريا وتركيا كونهم «مظلومين» اجتماعياً، هو وصفٌ مخادعٌ إذا أردنا تفسير سبب سوء أوضاعهم المعيشية، أو التركيز على الجوهر السياسي لمفهوم «الأقلية».

وفعلاً، «الأقلّية» الكردية تتألّف من حوالي 30 مليون شخص، ولكن إلى اليوم لا يزال فكر الدولة القومية يسبّب وصفهم بالأقلية. وبالمثل، اعتمد تدخّل الدولة في الحياة اليومية في الشرق الأوسط، وعموماً الكيانات «اللوثيانية»، على إستراتيجية «فرّق تسُد» الّتي شجّعت الحركات الانفصالية والاستقلال السياسي للمجتمعات المختلفة، كوسيلةٍ وحيدة لقبول هويتها.

وكانت أعمال العنف التي يرتكبها «تنظيم الدولة» ضدّ عناصر المجتمع الموجودة في بلاد ما بين النهرين، تعزّز الاقتناع بأهمية «حماية الأقليات الدينية»، وبالتالي تكرّس استخدام الدين كأداة لإنتاج المعرفة الحصريّة.

أمّا حالياً، يقوم التنظيم بالاعتداء يومياً على المسلمين والمسيحيين بنحو مماثل، وغالباً يقتل الأشخاص الذين يرفضون سلطته بشكل مباشر، أو يعارضون «الخلافة» بأشكالٍ عديدة, ولكن فقط بفضل أعدادهم نصفهم بالمظلومين، لكي نعبّر عن مخاوفنا ونوايانا السياسية.

ومفهومُ التحليل العلمي «للدين» على أنّه خانةٌ فارغة، نستطيع ملأها بأي معنى، هو مفهومٌ مغلوط، ولكنّه لا يزال قادراً على صياغة الأحداث، وعلى رفع المشاعر الجماعية على نطاقٍ واسع. وفي الأمثلة التي قدّمتها سابقاً، في فهم تاريخ الشرق الأوسط، يعتمدُ فكر الهويات المتجانسة على أساليب معرفية مضلّلة، كما لو أنّها كيانات موضوعية ومعبّرة عن مبادئ سياسية ثابتة. وبعبارة أخرى، يتم اعتبار عناصر المجتمع الدينية والعرقية في حال طمحت إلى وطن مستقلّ وانتِماء فطري إلى أراضيها، على أساس هويتها فقط. ومثلاً لماذا لا يُعدّ المسيحيون الخاضعون لسلطة «تنظيم الدولة»، ولا الأكراد أيضاً، معارضين لسلطة الدولة المطلقة أو لأي كيانٍ أخر؟

يلجأ المجتمع الدولي، وليس السياسيون فقط، إلى لغة «حماية الأقليات» واستراتيجيتها على نحوٍ متزايد، فالحماية الاستعمارية للأقليات في الشرق الأوسط حوّلت المجموعات المتدينة غير المتجانسة، إلى كيانات متماسكة منفصلة. وعلى ضوء ذلك تتعرّض «الأقلّيات» أيضاً لخطر المجازر، أو التمييز بالحقوق المدنية، كلما تطلّبت ذلك المصالح السياسية أو ظروفٌ مادية معينة، ومن المفارقات أن يأتي حُرّاس الأقلّيات الأجانب لإنقاذها في السياق التاريخي الذي ترعرعت فيه.

وعلاوةً على ذلك, حسب الرأي السائد في الخارج وفي الشرق الأوسط، تتصادم هذه المقومات الدينية بشكلٍ دائم. وإذا نظرنا إلى الجذور التاريخية للعداوات الإقليمية المزمنة، فقد خدمت حماية الأقليات عبر التاريخ نفوذ السلطات الغربية في المنطقة, مثل الحماية الفرنسية للمسيحيين في سوريا، والحماية الفرنسية للموارنة في جبل لبنان، وخصوصاً أثناء الاقتتال مع الدروز، الذين كانوا تحت رعاية البريطانيين في القرن التاسع عشر.

وبالتالي، التلاعبُ السياسي في مفاهيم الأقليات والأغلبيات في إنتاج معرفة الشرق الأوسط، هو غالباً عملٌ أيديولوجي لا يزال يُصبَغ بمواريث استعمارية، وبالتأكيد ليس سيناريو الشرق الأوسط استثنائياً في هذا الإطار، لأنّ بعض المجموعات الاجتماعية أصغر من ما يسمّى «الأغلبيات» العرقية أو الدينية التي تعيش في الدولة القومية نفسها، ولكنّها لم تطور الإحساس الذاتي بأنّها «أقليات». على سبيل المثال، تُمثَّل الجاليات الآسيوية في تشيلي كمجتمعاتِ مهاجرين في الأخبار وفي الأدب المتعلق بهم، وعلى النقيض من ذلك، يُسمّى المغتربون من بوليفيا وبيرو في تشيلي «بالأقليات»، لأنهم هاجروا من دوَل جارة حاربت تشيلي في حرب إقليمية في القرن التاسع عشر، وذلك يؤكد استخدام الاستقطاب الثنائي السياسي لمفاهيم الأغلبية والأقلية.

ينتهجُ الحُكّام والجمهور والعلماء التصنيف الديني كإشارةٍ إلى قُربٍ أو بُعدٍ سياسي، وعلى نحو مماثل كان المسيحيون الأرثوذكسيون اليونانيون أكثر استعداداً لقبول الأمة العربية السورية في الثلاثينات من المذاهب المسيحية الأخرى، وكان يسمّى هذا المجموع «بقرابة الإسلام» في ظلّ وجود أغلبية مسلمة في الحركة القومية السورية، وعامّةً تحُثّ القضايا السياسية المشتركة المسلمين على البحث عن تسميات معبّرة عن قُربٍ ديني من المسيحيين الأرثوذكسيين. وطبعاً العامل السياسي هو مكوِّنٌ واحدٌ لمفهوم الدين القديم والمتعدّد، الذي يُستعمل إلى حدّ كبير في العلوم السياسية والاجتماعية. والنظرة التحليلية لمفهوم الدين، هي وسيلة مصطنعة تحتوي على عادات ومبادئ وعقائد وأخلاق معنوية، وسلوكيات بشرية متناقضة.

تؤدّي فرضية «استثنائية الشرق الأوسط»، إلى تصوّر انقسام الإقليم بشكل فطريٍ ومُبرَم، إلى أقليات دينية وعرقية متجانسة ومطواعة لسياسات الهوية, ومن مسؤوليتنا مواجهةُ سوء الفهم والقصور الفكري الأهلي والدوَلي، والعمل على تحسين أساليب معرفية وإدراكية في النقاش حول الشرق الأوسط.

الكاتب : استيلا كاربي

25‏/1‏/2019

"ليكود" سعودي جدًا

"ليكود" سعودي جدًا
طرأت رزم كثيفة من "الفانتازيا" التي أمست قابلة للتصديق بكثافة مع كل حفلة فضائحية سعودية منذ التحولات الشاسعة لناحية وضوح طبيعة "المجموعة الحاكمة" في مملكة آل سعود غير المسبوق. هذا أن مفاهيمية "النظام" ليست بالدقة الملائمة ولا مفهوم الدولة حاضر هناك، بقدر ما يشكل آل سعود، كما شكلوا دائمًا، ما هو ليس أكثر من مجموعة مستأثرة بالحكم والثروة ضمن حالة شرعنة مركبة يعوزها الكثير من الشرعية.
مع تصعيد الحضور العلني للنهج السعودي التخريبي في المنطقة العربية وقضاياها الأساسية في السنتين الأخيرتين، في جوهرها الصراع مع الصهيونية في فلسطين. أي بحضور سلمان بن عبد العزيز ملكًا وولي عهده محمد بن سلمان. بدا أنه لم يعد لدى حكام الرياض ما يخشون إخفاءه أو التبجح به. هذا إذا تم التسليم أساسًا، بأن القرار لديهم وبيدهم، وليس هابطًا من دهاليز أجندات أبناء زايد في أبوظبي وشلة مستشاريهم وصبيتهم، توني بلير ومحمد دحلان وآخرون.
ما يعزز القول بأن سعودية سلمان وابنه ذاهبة إلى آخر الخط التخريبي يتوفر يوميًا عبر الصفحات الإلكترونية الإعلامية والصحفية والمطبوعات بشتى لغات الكوكب. وليس في القول تضخيم إن ورد أن التخريب السعودي لا يختص بالمجال العربي حصرًا، إنما هي حالة تخريب وشراء ذمم معممة عالميًا، رفقة حرب استهداف كبرى ضد منصات حقوقية ومنظمات ذات سمعة راسخة لناحية موضوعيتها وثقة الرأي العام بها، من وزن هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية/أمنستي، اللتين قد يعتقد متابع أن متابعتهما للمسطرة الحقوقية في الداخل السعودي، وللجرائم السعودية، المعلنة وغير المعلنة، داخل نطاق الجزيرة العربية وخارجها أمر مستجد. هذا أنه أخذ أبعادًا أوسع من ذي قبل بعد "خشقجة" الصحفي السعودي، غير المعارض بالضرورة، جمال خاشقجي في اسطنبول. إنما وقعت المصادفة أن صلب عمل مثل هذه المنظمات، وجوهر المهمات الصحفية يكون بتناول ما يتوفر من وقائع معززة ببراهين. وهذا ما لا تبخل به ماكينة الإفساد والإجرام السعودي الجلفة.

سيكون من المرهق، لا الصعب، المضي في سرد وتشبيك سلاسل شاهقة من المثالب والجرائم والفضائح السعودية. إنما بتناول آخر التقليعات السعودية، خاصة تجاه إسرائيل، بل تجاه الحزب الحاكم، تحالف الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو. يمكن العودة لسؤال مركزي بشأن ماذا تريد السعودية؟ أو ما هو مشروع ابن سلمان في هذا الصدد؟ وربما يحضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحفلة أعراض، وليس مسببات، استحضار اليمين الشعبوي بعنصرياته المتفاقمة أوروبيًا، بل ولاتينيًا أيضًا.

تصدرت تسريبات قراصنة عالم السايبر في إسرائيل وآراء خبراء الأمن السيبراني المقربين من دوائر مؤسسة الجيش لتلتقي مؤخرًا مع تقديرات أمنية دأب جهاز الأمن الداخلي – شاباك منذ 11 شهرًا على التلويح بها بشأن التدخل الخارجي في انتخابات الكنيست الإسرائيلي المرتقبة. وهي للمناسبة انتخابات قد تكون من الأكثر غرائبية في تاريخ إسرائيل الاستعمارية منذ منتهى عقد سبعينات القرن الـ20  بطي صفحة مباي و"الأشكناز المؤسسين" وتصدر ائتلاف الليكود للسلطة، الذي أصبح أقرب إلى الحزب الراسخ تراكميًا.

مع بداية انطلاق حديث التدخل الخارجي في انتخابات الكنيست انزاحت الشاشات الرئيسية في الإعلام الإسرائيلي، الخاص والعام، ومعها طيات الصحف الأساسية والفرعية، كما حلقات نوادي الاستعراضات الكوميدية والتعليق السياسي، نحو اتهام الكرملين بتوظيف أدواته للتدخل في الانتخابات الإسرائيلية استرشادًا بحال تدخل موسكو  لصالح دونالد ترامب، وكذلك في نصف "دزينة" من الانتخابات الأوروبية.

"مسكين" هو الكرملين هذه المرة. لم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على علم ربما أن هناك في المنطقة العربية من يشاركه الاهتمام عينه بعتاة اليمين وسادة التخريب، ليس في أوروبا، ولا في سوريا أو مصر والسودان فقط، بل في مركز الحلبة السياسية الإسرائيلية. إذ أشارت التقارير المحققة إسرائيليًا، أن تدخلًا سايبريا سعوديًا، عبر "بوتات" السوشال ميديا، حاصل في إسرائيل منذ أشهر، أي منذ تنبه نداف أرغمان على رأس الشاباك الإسرائيلي إلى المسألة وبدء التنويه بشأنها.

قد يقال لم لا؟!، 
إسرائيل تتدخل في معاش ومصير كل عربي منذ أن طرأت كيانًا استعماريًا استيطانيًا عنصريًا في فلسطين. هذا جدل معقول إذا ما قيس بحرب رجال كتائب القسام السيبرانية التي لا تهدأ ضد المؤسسة والرأي العام في إسرائيل على السواء. لكن أن يكون هذا التدخل لصالح دعم حظوظ بنيامين نتنياهو، داخل الليكود أولًا، من ثم ضد المنافسين "غير المحتملين" للمصادفة! فهذا لا يشي بمجرد تحالف طارئ أو رغبة في تعزيز "إيغو" السلطة السعودية خارج حدود حكمها وتحكمها فقط.

ليس في تناول فضائحية التدخل السعودي لصالح بنيامين نتنياهو والليكود غيرة على "الديمقراطية" الإسرائيلية المزعومة. فلا يختلف عقل يدرك أساسيات الفطرة القويمة أن لا ديمقراطية إسرائيلية، وإن كان هناك عملية ديمقراطية تصب في صالح إعادة إنتاج الامتيازات الاستعمارية لمواطنيها اليهود حصرًا. إنما ما يهم في هذا الإطار هو سياق الحدث بضفتيه، أسئلته القبلية وتساؤلاته التأويلية.

منتهى القول، لا تأتي هذه الحادثة/المشروع السعودي الليكودي بمعزل عن شمولية النهج التخريبي السعودي وتراكمية التطبيع مع إسرائيل وتطبيعها. بقدر ما تمثل استدلالًا على أن تنظيرات شمعون بيريز لم تصح في حالة المجموعة الحاكمة السعودية. إذ قال بيريس في أحد أهم وأخطر كتبه "الشرق الأوسط الجديد" أن بوجود مشكلة قائمة ومستمرة لا تتوفر لها حلول، فقد يعني هذا أنها ليست مشكلة، إنما وضع قائم وجب تقبله، ما يحيل إلى أن الموقف السعودي من أمثال نتنياهو وترامب وبولسنارو لا يأتي من باب أن هذا المتوفر وعلينا التأقلم، إنما تسعى السعودية للإسهام باستدامة مثل هذه الظواهر، والمشاركة في خلقها حتى. فلا "أمراء الليكود" بتعبير نجل مناحيم بيغن، والعضو الليكودي الفاعل حاليًا بني بيغن، كانوا من بين خيارات التدخل السعودي، ولا حتى أي أوساط تدعي "ماكياجًا" يساريًا وسطيًا وتتملق الحديث عن "السلام". إنما بنيامين نتنياهو نفسه، الأكثر إفادة للسعودية على عتبة ترامب إذا ما أضيف إلى تكريسات وأكداس نفقات اللوبيات والرشاوي.  

17‏/1‏/2019

لبنان يدعو السفير السوري لحضور القمة الإقتصادية و الأخير يعتذر

كشفت مصادر مطلعة سورية أن لبنان دعى السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم إلى حضور القمة الاقتصادية إلا أن السفير رفض الدعوى.

ونقل مراسلون عن مصادر مطلعة سورية أن السفير السوري اعتذر عن الدعوى و عن مشاركة الدولة السورية فيها بسبب كون القمة تابعة للجامعة العربية.

وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعا إلى ضرورة إرجاء القمة الاقتصادية العربية المقررة في وقت لاحق هذا الشهر في بيروت، مشدداً على ضرورة دعوة سوريا إلى القمة.

كما أكدت مصادر رسمية لصحيفة “اللواء” اللبنانية، أن دعوة سوريا للقمة أمر يقرره مجلس وزراء الخارجية العرب و جامعة الدول العربية.

وعلقت الجامعة العربية عضوية سوريا فيها في تشرين الثاني عام 2011 مبررة ذلك بعدم التزام الدولة السورية بـ “المبادرة العربية” لحل الأزمة فيما اعتبرت الحكومة السورية هذا الأمر بأنه انتهاك لميثاق الجامعة.

و من المقرر أن تستضيف لبنان في العاصمة بيروت بين 19 و20 من كانون الثاني الجاري، القمة التنموية الاقتصادية التي تعقدها الجامعة العربية.

13‏/1‏/2019

لنتوقّف عن كنس أسئلتنا الصعبة تحت السجّادة علي موامي
لنتوقّف عن كنس أسئلتنا الصعبة تحت السجّادة
علي مواسي

لا يعفينا

لا يعفينا عنف الشرطة الإسرائيليّة في التعامل مع المتظاهرين الفلسطينيّين أمام "متحف حيفا للفنون"، أمس الجمعة، ضدّ معرض يدّعي المتظاهرون أنّه يسيء للمسيحيّة، لا يعفينا من طرح أسئلتنا الداخليّة على أنفسنا، ونحن مَنْ صرنا نحترف تصدير أزماتنا المجتمعيّة، وحصرها في البعد الاستعماريّ الإسرائيليّ فقط، فهو على ما يبدو الحلّ الأسهل والأقلّ "وجع راس"!

ثمّة إرباك لا يمكن إخفاؤه في حالة "متحف حيفا للفنون"، إرباك يكمن في إسرائيليّته، إدارةً وتمويلًا وعقليّة صهيونيّة، ما يجعله مؤسّسة تهميشيّة للفلسطينيّ، لا يحضر فيها إلّا تابعًا وفضلةً ضمن منظومة الصناعة الثقافيّة الإسرائيليّة بعامّة، وفي مدينة حيفا بخاصّة، الّتي تضمّ 6 متاحف رئيسيّة تحت إشراف بلديّتها، تُعنى بالفنون على نحو متفاوت، لكنّ واحدًا منها لا يرى في ثقافة سكّانها الأصليّين العربيّة، ومركزيّة هذه الثقافة في مشهدها اليوميّ، السياسيّ، والثقافيّ، والترفيهيّ، والاقتصاديّ، ما يدفع إلى منحها ما تستحقّه من مساحة واستثمار؛ "فشفافيّة الفلسطينيّ" وريثة المحو الكبير له عام النكبة، وليس حضوره القليل أكثر من عَرَضٍ جانبيّ للتعامل مع بقاياه الّتي تفرض نفسها حيّةً في المادّة وذاكرة المكان وواقعه، أمام ضغط أسئلة الوجود والهويّة المقلقة لدى نخب الاستعمار.

وهذا الإرباك لا يعفينا هو أيضًا من طرح أسئلتنا الداخليّة، الضروريّة رغم صعوبتها، حول قيم مجتمعنا، وسلوك وتوجّهات أفراده وشرائحه. وفي حالتنا هذه - أي الاحتجاج على مجموعة أعمال فنّيّة بادّعاء إساءتها لمعتقد ما، وفق وجهة نظر المعترضين - يُطرح السؤال حول مكانة الإبداع والفنون، وما يرتبط بها من حقوق إنسان وقيم ديمقراطيّة مركزيّة، وعلى رأسها التعدّديّة والحرّيّة في الاعتقاد والتفكير والتعبير، ولا سيّما أنّ سؤال الحرّيّة مكوّن مركزيّ من مكوّنات هويّة وثقافة الإنسان الفلسطينيّ المعاصر في ظلّ الاستعمارين الإنجليزيّ وخلفه الإسرائيليّ.

 

سبّابة الأحزاب

ومن دوافع "لا يعفينا" الّتي أصرّ عليها، أنّ بيانات الأحزاب المختلفة في أراضي 48، حول قضيّة "متحف حيفا للفنون"، وتحديدًا المتّصفة بـ "العَلْمانيّة"، لجأت، كما تفعل غالبًا، إلى البقاء في دفء الكنبة، في منطقة راحتها وأمانها تحت اللّحاف، تحرّك سبّابة الألفاظ لتدين عنف الشرطة وقمعها، وعنصريّة بلديّة حيفا، ولتحذّر من خبث ميري ريغف، الّتي رقّ قلبها على السيّد المسيح وأمّه العذراء، فجأة ودون مقدّمات، مطالبةً هي أيضًا، كما المحتجّين، بإزالة الأعمال من المعرض، وهي "فْريخَة اليمين" الّتي يرعى نظامها عصابات التطرّف المعتدية على نحو دائم على الكنائس والأديرة والمقابر المسيحيّة، والمتحالفة مع محتالي تشويه الهويّة، عبر تطييف التجنيد واختراع شعوب وأمم باستحضار تعريفات ثقافيّة من تاريخ الحضارات القديمة المندثرة، كالآراميّة!

في بيانات الأحزاب ما من أحد يسأل الأسئلة الداخليّة الصعبة، فتغدو حرّيّة التفكير والتعبير مجرّد جملة مُلْحَقَة عابرة، "ونؤكّد في الوقت نفسه على احترام..."، وذلك بعد استسهال الحكم على أعمال فنّيّة بأنّها "تسيء للمسيحيّة" أو أيّ معتقد آخر، دون تكليف للنفس بزيارة المعرض ومحاولة فهم رسالته وسياقه، أو اللجوء لمختصّين في الفنون ونقدها، ولو من باب الاستئناس برأيهم، والاكتفاء بالمؤسّسة الدينيّة وحدها لتكون صاحبة الخيار والقرار. ألم يُسأل قاتل فرج فودة خلال محاكمته، عن كتبه الّتي استنتج منها أنّه مرتدّ، فأجاب بأنّه لا يقرأ ولا يكتب!

نخبنا السياسيّة تحبّ غالبًا أن تمارس كنس الأسئلة الصعبة تحت السجّادة، أن تتهرّب من القضايا الاجتماعيّة والثقافيّة بادّعاء انشغالها بمناهضة الصهيونيّة (ويا ليتها تفعل بجدّيّة)، فما بالنا ونحن في موسم انتخابات، ولا مفرّ بالتالي من التأكيد على مسيحيّة المسيحيّ، ليَسْهُلَ التعامل معه بصفته خزّان أصوات يمكن دغدغته لنيل رضاه في نيسان القادم؟ حتّى مَنْ لم يتدخّل يومًا من الشخصيّات القياديّة، الّتي تملك حزبًا خاصًّا، في قضيّة من هذا النوع، قال إنّه اتّصل بإحدى الشخصيّات الدينيّة الحيفاويّة، وإنّه يستنكر ويدين ويرفض ولا يقبل وإلخ!

 

كلّ شيء يسيء

بذريعة "الإساءة"، وتحديدًا تلك الّتي ترتبط بمسوّغات دينيّة، شهدنا خلال سنوات قليلة، عشرات حالات التحريض والحظر والملاحقة والأذى، طالت أعمالًا ومؤسّسات وشخصيّات إبداعيّة وعلميّة وتربويّة وسياسيّة، في مختلف أماكن وجود الفلسطينيّين ضمن حدود فلسطين الانتدابيّة (التاريخيّة)؛ فتحظر السلطة الفلسطينيّة رواية "جريمة في رام الله" في الضفّة الغربيّة لأنّها "تخدش الحياء العامّ"، وتُخضع حماس "مهرجان السجّادة الحمراء" في قطاع غزّة لسلسلة من الإجراءات الرقابيّة الخانقة، كما تمنع كتاب "قول يا طير" العلميّ لأنّه "يخدش الحياء العامّ" أيضًا! ويكون التحريض والتعرّض بالأذى من قبل ناشطين وقيادات في التيّار الإسلاميّ في أراضي 48، بمختلف مشاربه، إلّا الصوفيّ والدعويّ، تجاه "عرض الستّ" لـ "جوقة سراج" في أمّ الفحم، وفيلم "المخلّص" ليوسف قمر في سخنين، و"رمضان ماركت" في الطيّبة والطيرة، كما تُمنع سناء لهب من العمل في مجال الدراما بمؤسّسات باقة الغربيّة لأسباب تتعلّق بآرائها السياسيّة من الأزمة السوريّة، وتُهاجم الفنّانة رنا بشارة بسبب إقامتها عملًا فنّيًّا تجسيديًّا يحاكي طقس المناولة المسيحيّ عبر استخدام الزيت والزعتر، وتُخَرَّب وتُزال مجموعة من التماثيل للفنّان أحمد كنعان في عدد من المواقع، ويُلغى عرض ستاند أب للفنّان نضال بدارنة لأنّه يتناول كوميديًّا التعامل الخرافيّ مع دموع تمثال مريم العذراء في إحدى قرى الجليل، وتتعرّض المخرجة ميسلون حمّود للملاحقة والتهديد بالقتل بسبب فيلم "برّ بحر"، بل ويُطلق الرصاص على سيّارة العدّاءة حنين راضي لتنظيمها ماراثونًا رياضيًّا نسائيًّا في الطيرة، وعشرات الحالات الأخرى.

إنّ إحصاء قرابة 200 حادث من هذا النوع، خلال عقد، يرشّح المجتمع الفلسطينيّ لأن يكون في مقدّمة المجتمعات العربيّة الّتي تنتشر فيها ثقافة الحظر، ما يحيل إلى أمرين، في مستوًى أوّليّ من الافتراض؛ أوّلها أنّ شرائح واسعة من هذا المجتمع تعيش حالة أزمة في علاقتها مع التعبيرات الإبداعيّة، الفكريّة والجماليّة، على نحو غير مسبوق في تاريخ هذا المجتمع، وذلك على الرغم من حجم الإنتاج والاستهلاك الضخم للثقافة، الّذي يعبّر عنه تنظيم مئات الأحداث الثقافيّة شهريًّا في مختلف أنحاء فلسطين، في القرى والمدن والمخيّمات، ولعلّ موسم احتفالات الميلاد ورأس السنة الميلاديّة، الفترة الأقرب منّا زمنيًّا لنقيس عليها. هذا الواقع بحدّ ذاته يدعونا إلى التفكير ومحاولة التفسير لما قد يبدو تناقضًا وانفصامًا: هل المجتمع الّذي يملأ مدرّجات مسرح روابي بـ 15 ألفًا في حفل غنائيّ صاخب، أو 20 ألفًا في ساحة "كريسماس ماركت" بالناصرة، هو نفسه الّذي يمارس كلّ أشكال الحظر والملاحقة هذه، بما تتضمّنه من عنف وتسلّط؟

أمّا ثاني الأمرين، فهو أنّ المجتمع الفلسطينيّ يعيش مخاض صناعة عقده الاجتماعيّ، بناءً وتفكيكًا، ويتّخذ من الثقافة مجالًا لذلك، حيث يدير صراعاته ويرتّب علاقاته، وذلك في ظلّ "انهيار النظام" السياسيّ - وفق تعبير سليم تماري في مقدّمة كتاب "القدس العثمانيّة في المذكّرات الجوهريّة" -؛ إذ ما من مشروع سياسيّ وطنيّ وحدويّ جامع يسعى للإجابة عن احتياجات الإنسان الفلسطينيّ، الفرديّة والجَمْعيّة، في ظلّ واقع المعازل والتشتيت الاستعماريّ، وترهّل المؤسّسات الوطنيّة، وعلى رأسها منظّمة التحرير، ما يجعله يرتدّ إلى دوائر هويّاتيّة ضيّقة، طائفيّة، وعشائريّة، ومناطقيّة، وفصائليّة، والّتي بضيقها يزيد التمترس، ويكون التضييق أكثر على إمكانيّات ومساحات التفكير والتعبير، لتنحصر في بؤر مدينيّة، بل وفي بؤر قلب مدينيّة، سيحلو لنا تسمية جانب منها "الثقافة النخبويّة"، وجانب آخر "الثقافة التحتيّة – under ground"، ولعلّ تطوّر النوع الثاني من الثقافة، وتزايد انتشاره، ليس إلّا تعبيرًا عن ضيق الـ "Ground"، ما يُضطرّ بعضنا إلى حفر هذا الـ "Under"!

 

الفرق أنّنا لا نملك الديناميت فقط

في ظلّ هذا الواقع، هل يمكن الادّعاء أنّنا نعيش شرخًا، بل شروخًا في العمق، مفاهيميّةً وقيميّةً، وليس بيننا والانهيار أو الانفجار المدوّي سوى الحدث الصدفة، أو التريجِر، وأنّ "الصمغ الاستعماريّ" حتّى، لم يعد قادرًا على جمعنا؟

وفي ظلّ هذا الواقع أيضًا، أليس يحقّ للدماغ أن يُبطئ قليلًا، وأن يسترجع مشهد تدمير تماثيل بوذا في أفغانستان على يد طالبان، بذريعة "الإساءة" للدين ومخالفة المعتقد الإسلاميّ، أو تدمير كنوز الحضارتين البابليّة والتدمريّة على يد تنظيم الدولة (داعش)، ثمّ أن يسأل: ما الفرق بيننا؟ أليست المنطلقات والنتيجة نفسها؟ هل الفرق أنّنا لم نبلغ مرحلة استخدام الديناميت، وأنّنا نقف عند حدود رشّ اسم محمود درويش على لافتة في شارع ما لأنّه "ملحد"؟ أو إلقاء قنبلة حارقة على مركز ثقافيّ أو متحف بسبب عرض موسيقيّ أو عمل فنّيّ؟

لقد كثرت ادّعاءات "الإساءة" والاحتجاجات عليها، إلى درجة أنّك لم تعد تستطيع أن تفرّق بين ما يسيء وما لا يسيء، هل هو الموسيقى، أم السخرية والضحك، أم الرياضة النسائيّة، أم الاختلاط، أم نقد المؤسّسة الدينيّة، أم اختراع شخصيّة رجل سكّير عاهر في رواية، أم شتيمة في فيلم، أم رقص الباليه، أم الدبكة لطلّاب وطالبات، أم حفلات محمّد عسّاف وهيثم خلايلة، أم ماذا؟ مَنْ يجيب عن هذا السؤال، ومَنْ يملك صلاحيّة تحديد "الإساءة" من عدمها طالما أنّ كلّ شيء يمكن أن يكون مسيئًا لأيّ شخص أو جماعة، فجأةً ومن دون مقدّمات، هل يحتمل المجتمع كلّ هذا التفريخ لأسباب وأشكال ومدّعي "الإساءة" و"مسّ المشاعر"، لنشهد كلّ يوم طوشة!

وإن كانت المسألة حقًّا احترام الأديان والمعتقدات، فهذا قيمة تعدّديّة، والتعدّديّة أن تتفهّم وجود مختلف معك في مجتمعك والعالم، وأنّك متى أردت الاعتراض على شيء بدر عنه، وإن كان منكرًا لدينك ومعتقدك، لا بدّ من احترامه أيضًا كما تطالبه باحترامك.

 

لحظة جماليّة

ما أنا أكيد منه على الأقلّ، أنّني زرت "متحف حيفا للفنون" مرّتين، لأغوص في معرض "SHOP IT"، المفتوح أمام الجمهور منذ تمّوز (يوليو) 2018، أي منذ نصف عام، والّذي يضمّ مئات الأعمال الّتي تنتقد بشدّة تسليع الإنسان ورغباته، وتحوّله إلى مسخ استهلاكيّ في ماكينة الرأسماليّة البرّاقة، حتّى عبر الفنّ الّذي ينقد نفسه في المعرض أيضًا.

لسبب ما توقّفت مطوّلًا أمام عمل الفنّان الفنلنديّ جاني لينونين، "مَكْيسوع"، مثار الجدل الحاليّ، وأمام عمل آخر ينقد بيع مجموعات صهيونيّة توراتيّة "للهواء المقدّس" من أرض الميعاد، مُعَلَّبًا ومدموغًا، للمؤمنين البيض، فتجني بذلك الملايين سنويًّا، وثالث يتساءل عن الأموال الّتي تُدَرّ في حصّالات (قُجج) لجان الزكاة الّتي لا تنتهي، على كلّ واحد منها صورة لجماعة أو مذهب أو تيّار.

أمام مثل تلك الأعمال وقفت، وأنا أفكّر: أيّ حسّ رائع يجب أن يتوفّر لدى فنّان ما، حتّى يتمكّن من صناعة مثل هذه اللحظة الجماليّة المستفزّة والمباغتة، حيث الانقضاض على نقطة التقاء سلطة المال بسلطة الدين، ليكون الفساد والجشع حاكمين!

علي موامي
شاعر وباحث ومدرّس. يعمل محرّرًا لفُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة، بالإضافة إلى تحرير إصدارات مؤسّساتيّة وخاصّة، وتدريب مجموعات، وتدريس اللغة العربيّة وآدابها. ينشط ثقافيًّا وسياسيًّا في عدد من الأطر والمبادرات. له مجموعة شعريّة بعنوان "لولا أنّ التفّاحة" (2016)، صادرة عن الدار الأهليّة للنشر والتوزيع - عمّان.


ترامب يمتنع عن إعلان حالة طوارئ لإنهاء الإغلاق الحكومي

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، السبت، أنه سيمتنع حاليا عن إعلان حالة الطوارئ الوطنية لإنهاء "الإغلاق" الجزئي للحكومة المستمر منذ 23 يوما، وشدد على ضرورة حصوله على 5.7 مليارات دولار لتشييد الجدار على الحدود مع المكسيك.

وردا على سؤال لقناة "فوكس نيوز" عن سبب امتناعه عن إعلان حالة الطوارئ الوطنية فورا لتأمين أموال بدون موافقة الكونغرس، قال ترامب إنه يريد أن يمنح برلمانيي المعارضة الديمقراطية فرصة للتوصل إلى اتفاق.

وقال إنه "أريد أن أعطيهم فرصة لنرى ما إذا كانوا سيتصرفون بمسؤولية"، مشيرا إلى أن "ما لا نسعى إليه الآن هو حالة الطوارئ الوطنية".

وكان ترامب تراجع أول من أمس، الجمعة، عن سلسلة تهديدات سابقة قال إنه سينفذها لإنهاء حالة الجمود تتمثل باعلان حالة الطوارئ الوطنية لتأمين التمويل بدون الحاجة إلى موافقة الكونغرس. وقال في اجتماع في البيت الأبيض إنه "لن يتسرع" في إعلان حال الطوارئ.

وأكد ترامب أمس أن "الإغلاق" يمكن حله "خلال 15 دقيقة". وفي سلسلة تغريدات صباح أمس كتب أن "الديمقراطيين يمكنهم حل مسألة الاغلاق في خلال 15 دقيقة! اتصلوا بالسناتور ممثلكم أو الممثل الديمقراطي واطلبوا منهم أن يؤدوا عملهم! إنها أزمة إنسانية".

ودعا المعارضة الديمقراطية إلى "العودة إلى واشنطن" لإنهاء ما وصفه بأنه "الأزمة الانسانية الرهيبة على الحدود الجنوبية"

في خطوة احتجاجية.. إيران تستدعي القائم بأعمال سفارة بولندا

استدعت الخارجية الإيرانية القائم بأعمال السفارة البولندية في طهران احتجاجا على استضافة بولندا مؤتمرا دوليا بشأن إيران والشرق الأوسط ترعاه الولايات المتحدة الأميركية منتصف الشهر المقبل.

وأبلغت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال البولندي أن ما تقوم به واشنطن هو إجراء عدائي ضد طهران، وأنه على وارسو عدم مسايرة الولايات المتحدة في سياساتها والامتناع عن استضافة المؤتمر.

وأكدت الخارجية الإيرانية أن طهران ستتخذ إجراءات مماثلة إذا لم تعد بولندا النظر في مواقفها، ونقلت عن القائم بالأعمال البولندي قوله إن المؤتمر ليس موجها ضد إيران، وإن هناك اختلافا في المواقف بشأن المؤتمر بين المسؤولين البولنديين والأميركيين.

وأشار القائم بالأعمال البولندي إلى العلاقات التاريخية بين البلدين، وقال إنه سينقل مذكرة احتجاج طهران إلى مسؤولي حكومة بلاده.

وفي رد على تصريحات المسؤول البولندي، نقلت وكالة فارس الإيرانية عن رئيس الدائرة الأولى لشرق أوروبا في الخارجية الإيرانية تأكيده أن هذه الإيضاحات غير كافية.

وأكد المتحدث ذاته ضرورة اتخاذ قرار عاجل من قبل الحكومة البولندية للتعويض عن ذلك، مؤكدا أن طهران ستضطر في غير هذه الحالة إلى اتخاذ خطوات للرد على ذلك.

نفوذ إيران
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد أعلن الجمعة أن بولندا ستستضيف يومي 13 و14 فبراير/شباط القادم مؤتمرا تنظمه الولايات المتحدة هناك للتركيز على النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

وبحسب الوزير الأميركي، تركز القمّة على "استقرار الشرق الأوسط والسلام والحرّية والأمن في هذه المنطقة، وهذا يتضمّن عنصرا مهما هو التأكد أن إيران لا تمارس نفوذا مزعزعا للاستقرار".

وقالت الولايات المتحدة وبولندا في بيان مشترك إن وزراء من أنحاء العالم سيدعون لحضور القمّة في وارسو. غير أن البيان لم يذكر إيران بالتحديد، وقال إن الاجتماع سيركز على "شرق أوسط أكثر سلاما واستقرارا".

وبولندا التي تقودها حكومة شعبويّة يمينيّة، حليف قديم للولايات المتحدة وتتمتع بعلاقات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أفضل من ألمانيا وفرنسا. 

وأعاد ترامب فرض عقوبات على إيران سعيا لتغيير نهج النظام، لكنه لم يلق دعما لدى حكومات غربية تقول إن طهران تطبّق بنود الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة.

غير أن موقف ترامب المتشدد من طهران لقي ترحيبا من حليفي الولايات المتحدة الإقليميين السعودية وإسرائيل.

وردّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر، قائلا إن "الحكومة البولندية لا يمكنها محو العار، ففي حين أنقذت إيران بولنديّين خلال الحرب العالمية الثانية، تستضيف (بولندا) الآن سيركا مضادا لإيران"