آخر الأخبار

12‏/2‏/2019

الاقليات هل هي تمثيل عددي ام تناوب على السلطة ؟



الأقلية مجموعة تضم أقل من نصف مجموع أعضاء مجموعة أكبر منها. وفي التصويت تكون الأقلية هي المصوتون أو الأصوات التي تكون أقل من 50% من الأصوات التي يدلى بها.

يتّفق العلماء والمفكرون وأصحاب الرأي والجمهور العام، في كثيرٍ من الأحيان، على أن الشاغل الرئيسي والحتمي في الشرق الأوسط المعاصر هو التنوع الديني، والحاجة إلى حماية «الأقليات» الدينية، فقد أصبح تدريجياً ما يُعرفُ بالأقليات الدينية سمةً أساسية من سمات السياسة الدوَلية. وعادةً تُنَاقَش هذه «الأقليات» على أنّها كيانات غير قابلة للتغيير، وأنها متميّزة بأصول سياسية متجانسة في الشؤون الدوَلية، وأيضاً كفئات تحليلية يمكن من خلالها فهم الشرق الأوسط بشكل سريع.

وسيشيرُ التحليل التالي إلى تجاهل الميزات المصطنعة للأقليات الدينية، كما الأغلبيات، في السياسة الدوَلية المعاصرة. وستعتمد الأمثلة التاريخية التالية على مفاهيم تفسيرية شاملة، لشرح الامتيازات المدنية أو الحرمان الإجتماعي، وسيتم تسليط الضوء على الصداقة أو العداوة التي تشكّل العلاقات بين «الأقليات» الدينية المختلفة.

في محاولة استقراء ظهور مصطلح «الأقليات» في الإنتاج العِلمي، يربط المؤرّخ بينجامين وايت في 2011 تاريخَ الأقليات بتكوين الدول القومية في الشرق الأوسط. وكتب وايت أن مصطلح «الأقليات» كان قد ظهر في الثلاثينات من القرن الماضي فقط بسبب البيروقراطية الفرنسية، التي كانت لا تزال تهيمن على البلاد في ذلك الوقت، وبسبب تدخّل الدولة في حياة الناس اليومية. وفعلاً ازداد استخدام مصطلح «الأقلية» خصوصاً في الفترة الّتي أعقبت الانتداب الفرنسي لسوريا في الأربعينات. ومن ثم بدأت الدولة في الشرق الأوسط الحديث تُمثّلُ الناس بشكلٍ جماعي، كما بدأ كل عنصرٍ في المجتمع ينظر إلى نفسه بوصفه قابلاً للتصنيف، إمّا بناءاً على استياء الأقليات من حرمان أفرادها من الخدمات المجتمعية، أو على إشباع الأغلبيات نتيجةً للإشراك المجتمعي. وفي الواقع، يشيرُ تمثيل هذه الفئات الاجتماعية بذاته إلى التماسك والتجانس.

وبناءاً على ما كان يصفه العالم الاجتماعي بيير بورديو بـ «الرأسمال الإعلامي والمعرفي»، تُعزى المسميات الطائفية إلى إرادات شعبية متنوعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وهكذا فإنه على سبيل المثال، يبدو من الطبيعي أن يُحكَم العراق بهيمنة نظام شيعي بعد عهد صدام حسّين، فقط لأنّ أغلبية السكان شيعة. وعلى نحو مماثل بعد أن بدأت في عام 2011 أزمة سياسية غير مسبوقة  في سوريا، فإنه لا يمكن الحكم دون اعتراض لدى الأغلبية السنية السورية كون النظام الحاكم من الأقلية العلوية. وكذلك بما أنه من السائد لدى الخبراء أنّ أكثرية الناس في البحرين شيعة، لذا فإنهم يحتاجون إلى نظام شيعي لإنهاء السخط المحلّي وتلبية المطالب بالحرّية. وأيضاً من السائد التفكيرُ أن السلطة الحاكمة في إيران مستقرّة، فقط بفضل ائتلاف شيعي حاكم على الأغلبية الشيعة الساحقة.

يستطيعُ الإنسان عن طريق فهم ماضيه أن يشعر بواجب المحافظة على الوعي الجماعي, إذ إنّ الارتباط المباشر بين الأغلبيات وفكرة الهيمنة، وبين الأقليات وفكرة التبعية، يُلقي بظلّه على مواقع السلطة المتغيرة التي تُكوّن أساس العلاقات المجتمعية. وفي هذا الصدد, تقدم الثورة السورية حالةً مثاليةً من خلال تصويرها على وسائل الإعلام الدوَلية، وبشكلٍ سابقٍ لأوانه، كحربٍ أهلية، أو عبارة عن مجموعة مطالب طائفية ومتحيزة للأغلبية السنية. ومن المضلّل القول إنّ تحرير الأغلبية السنية يؤدي إلى اضطهاد الأقليات، وبالإضافة إلى ذلك يحجب هذا الاعتقاد توزيع السلطة الواقعي في المجتمع السوري. ومع ذلك, فقد قلّل هذا التفسير للحقائق الاجتماعية في سوريا من التضامن الدوَلي مع المتظاهرين السوريين، على خلاف الثورتين المصرية والتونسية.

وفي الواقع، تتراوح درجة تعاطف المجتمع الدوَلي مع قضايا سياسية معينة, حيث يقوم بالتدخل العسكري في الشرق الأوسط على أساس الاحتياج المضلّل إلى حماية الأقليات الأساسية المقيمة في الإقليم. وفي هذا السياق، يتم التلميح لازدواجية المعرفة بالأغلبيات والأقليات. على سبيل المثال، إنّ وصف الأكراد بالأقلّية في العراق وإيران وسوريا وتركيا كونهم «مظلومين» اجتماعياً، هو وصفٌ مخادعٌ إذا أردنا تفسير سبب سوء أوضاعهم المعيشية، أو التركيز على الجوهر السياسي لمفهوم «الأقلية».

وفعلاً، «الأقلّية» الكردية تتألّف من حوالي 30 مليون شخص، ولكن إلى اليوم لا يزال فكر الدولة القومية يسبّب وصفهم بالأقلية. وبالمثل، اعتمد تدخّل الدولة في الحياة اليومية في الشرق الأوسط، وعموماً الكيانات «اللوثيانية»، على إستراتيجية «فرّق تسُد» الّتي شجّعت الحركات الانفصالية والاستقلال السياسي للمجتمعات المختلفة، كوسيلةٍ وحيدة لقبول هويتها.

وكانت أعمال العنف التي يرتكبها «تنظيم الدولة» ضدّ عناصر المجتمع الموجودة في بلاد ما بين النهرين، تعزّز الاقتناع بأهمية «حماية الأقليات الدينية»، وبالتالي تكرّس استخدام الدين كأداة لإنتاج المعرفة الحصريّة.

أمّا حالياً، يقوم التنظيم بالاعتداء يومياً على المسلمين والمسيحيين بنحو مماثل، وغالباً يقتل الأشخاص الذين يرفضون سلطته بشكل مباشر، أو يعارضون «الخلافة» بأشكالٍ عديدة, ولكن فقط بفضل أعدادهم نصفهم بالمظلومين، لكي نعبّر عن مخاوفنا ونوايانا السياسية.

ومفهومُ التحليل العلمي «للدين» على أنّه خانةٌ فارغة، نستطيع ملأها بأي معنى، هو مفهومٌ مغلوط، ولكنّه لا يزال قادراً على صياغة الأحداث، وعلى رفع المشاعر الجماعية على نطاقٍ واسع. وفي الأمثلة التي قدّمتها سابقاً، في فهم تاريخ الشرق الأوسط، يعتمدُ فكر الهويات المتجانسة على أساليب معرفية مضلّلة، كما لو أنّها كيانات موضوعية ومعبّرة عن مبادئ سياسية ثابتة. وبعبارة أخرى، يتم اعتبار عناصر المجتمع الدينية والعرقية في حال طمحت إلى وطن مستقلّ وانتِماء فطري إلى أراضيها، على أساس هويتها فقط. ومثلاً لماذا لا يُعدّ المسيحيون الخاضعون لسلطة «تنظيم الدولة»، ولا الأكراد أيضاً، معارضين لسلطة الدولة المطلقة أو لأي كيانٍ أخر؟

يلجأ المجتمع الدولي، وليس السياسيون فقط، إلى لغة «حماية الأقليات» واستراتيجيتها على نحوٍ متزايد، فالحماية الاستعمارية للأقليات في الشرق الأوسط حوّلت المجموعات المتدينة غير المتجانسة، إلى كيانات متماسكة منفصلة. وعلى ضوء ذلك تتعرّض «الأقلّيات» أيضاً لخطر المجازر، أو التمييز بالحقوق المدنية، كلما تطلّبت ذلك المصالح السياسية أو ظروفٌ مادية معينة، ومن المفارقات أن يأتي حُرّاس الأقلّيات الأجانب لإنقاذها في السياق التاريخي الذي ترعرعت فيه.

وعلاوةً على ذلك, حسب الرأي السائد في الخارج وفي الشرق الأوسط، تتصادم هذه المقومات الدينية بشكلٍ دائم. وإذا نظرنا إلى الجذور التاريخية للعداوات الإقليمية المزمنة، فقد خدمت حماية الأقليات عبر التاريخ نفوذ السلطات الغربية في المنطقة, مثل الحماية الفرنسية للمسيحيين في سوريا، والحماية الفرنسية للموارنة في جبل لبنان، وخصوصاً أثناء الاقتتال مع الدروز، الذين كانوا تحت رعاية البريطانيين في القرن التاسع عشر.

وبالتالي، التلاعبُ السياسي في مفاهيم الأقليات والأغلبيات في إنتاج معرفة الشرق الأوسط، هو غالباً عملٌ أيديولوجي لا يزال يُصبَغ بمواريث استعمارية، وبالتأكيد ليس سيناريو الشرق الأوسط استثنائياً في هذا الإطار، لأنّ بعض المجموعات الاجتماعية أصغر من ما يسمّى «الأغلبيات» العرقية أو الدينية التي تعيش في الدولة القومية نفسها، ولكنّها لم تطور الإحساس الذاتي بأنّها «أقليات». على سبيل المثال، تُمثَّل الجاليات الآسيوية في تشيلي كمجتمعاتِ مهاجرين في الأخبار وفي الأدب المتعلق بهم، وعلى النقيض من ذلك، يُسمّى المغتربون من بوليفيا وبيرو في تشيلي «بالأقليات»، لأنهم هاجروا من دوَل جارة حاربت تشيلي في حرب إقليمية في القرن التاسع عشر، وذلك يؤكد استخدام الاستقطاب الثنائي السياسي لمفاهيم الأغلبية والأقلية.

ينتهجُ الحُكّام والجمهور والعلماء التصنيف الديني كإشارةٍ إلى قُربٍ أو بُعدٍ سياسي، وعلى نحو مماثل كان المسيحيون الأرثوذكسيون اليونانيون أكثر استعداداً لقبول الأمة العربية السورية في الثلاثينات من المذاهب المسيحية الأخرى، وكان يسمّى هذا المجموع «بقرابة الإسلام» في ظلّ وجود أغلبية مسلمة في الحركة القومية السورية، وعامّةً تحُثّ القضايا السياسية المشتركة المسلمين على البحث عن تسميات معبّرة عن قُربٍ ديني من المسيحيين الأرثوذكسيين. وطبعاً العامل السياسي هو مكوِّنٌ واحدٌ لمفهوم الدين القديم والمتعدّد، الذي يُستعمل إلى حدّ كبير في العلوم السياسية والاجتماعية. والنظرة التحليلية لمفهوم الدين، هي وسيلة مصطنعة تحتوي على عادات ومبادئ وعقائد وأخلاق معنوية، وسلوكيات بشرية متناقضة.

تؤدّي فرضية «استثنائية الشرق الأوسط»، إلى تصوّر انقسام الإقليم بشكل فطريٍ ومُبرَم، إلى أقليات دينية وعرقية متجانسة ومطواعة لسياسات الهوية, ومن مسؤوليتنا مواجهةُ سوء الفهم والقصور الفكري الأهلي والدوَلي، والعمل على تحسين أساليب معرفية وإدراكية في النقاش حول الشرق الأوسط.

الكاتب : استيلا كاربي

عن تحليل الخمر وحرمته  في التراث الإسلامي
أليكس راول

في الآية الثالثة والأربعين من سورة النساء في القرآن الكريم، يحدّ اللهُ تعالى من الأفعال التي يُسمَح للمسلمين أن يفعلوها وهم تحت تأثير الكحول: «يَا أيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأنْتُمْ سُكارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولون».

إن كانت صيغة هذه الآية تُظهِر أنه من المسموح للمؤمنين أن يكونوا سكارى في غير وقت الصلاة، فإن هذا ليس خطأً، لأن شُرْب الكحول كان حَلالاً تماماً في صدر الإسلام، قبل هجرة النبي محمد من مكة المكرمة ولفترةٍ بعدها في المدينة المنورة. وإن كانت صيغة الآية تُظهِر أيضاً أن أحداً قد قربَ الصلاة فعلاً وهو سكرانُ غير عالمٍ ما يقول، فهذا أيضاً ليس صدفة.

تقول كُتُب تفسير القرآن الرئيسية الأساسية (تفسير الطبري وابن كثير وغيرهما) حول هذه الآية إن أحد أهم صحابة رسول الله، عبد الرحمن بن عوف، وبعض أصدقائه قد استمتعوا ذات يوم بوليمة غداء مجيدة، تناولوا خلالها أرقى أنواع الخمور، حتى أدركتهم صلاة المغرب، فذهبوا إلى المسجد حيث اقترف أحدهم خطأً خطيراً أثناء تلاوته المصحف، ولهذا السبب أنزل رب العالمين الآية المذكورة.

الخمر، إذن، كانت لا تزال حلالاً وقتئذ، ولكن ضمن حدود. كان يُحَقُّ، على سبيل المثال، للمؤمن المجاهد أن يشربها قبل غزوة كبيرة، كما رُوي في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث الشريف، ما دام يتركها بعيدة عن المصلّى. وتُبدي آياتٌ قرآنية أخرى صورةً ذات اعتدال مشابه، إذ يقول الله في سورة البقرة، آية 219، إن للخمر وللمَيْسِر «مَنَافِعُ لِلنَّاس»، ولو أن «إثْمُهُمَا أكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا». ويقول سبحانه في سورة النحل، آية 67: «وَمِن ثَمَراتِ النَّخيلِ وَالأَعنابِ تَتَّخِذونَ مِنهُ سَكَرًا وَرِزقًا حَسَنًا إِنَّ في ذٰلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَعقِلونَ». ولم يكن إلّا سنوات عديدة قد مرّت على هجرة النبي حتى جاءت الآيتان الأشدّ إدانةً للخمر، اللتان لا تذكران أي حسنة في شربها، وهما الآيتان 90 و91 من سورة المائدة، حيث يصف الله الخمر بأنها «رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ» ووسيلةٌ يريد الأخير استغلالها من أجل «أنْ يُوْقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ» و«يَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ».

كلماتٌ صارمة، بلا شكّ. لكن علماء وفقهاء العصور الإسلامية الأولى قد اختلفوا اختلافاً شديداً حول مكانة الكحول الشرعية. فلاحظَ بعضهم أن فِعْل «التحريم» ليس مستخدماً في أيٍّ من الآيات الخاصة بالخمر، على عكس الآيات الخاصة بتناول لحم الخنزير، مثلاً. وعلى الرغم من أن الآية 90 من سورة المائدة قد سُمّيت بـ «آية التحريم» من قِبل مُحَرِّميّ الخمر، فالفعل الوارد في نص الآية هو الاجتناب، وليس التحريم، إذ يقول الله «فاجْتَنِبُوهُ» ولا يقول «حُرِّمَتْ عليكم الخمر» أو ما شابه. فالسؤال الذي طرحه بعض العلماء كان: هل هذا تحريمٌ، أم مجرد نُصْح؟ نعرف أن جماعة من الفقهاء قد اعتمدوا التأويل الثاني، لأن ابن قتيبة المحافظ قد استنكرهم في كتابه «الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها»، قائلاً إنهم «من مُجّان أصحاب الكلام وفسّاقهم، لا يعبأ الله بهم». وعلى نحو مماثل، يَذكر نصُّ الآية الخمرَ تحديداً، التي هي مصنوعة من العنب حصراً، وتكون مُسكِرة بشدّة، يجب مزجها بماء، مما دفع فِرَقاً من الأحناف والمعتزلة إلى تحليل شرب النبيذ، التي كانت تختلف تماماً عن الخمر آنذاك، كونها مصنوعة من التمر أو الزبيب أو الكثير من الفواكه الأخرى دون العنب، وكانت أخفَّ وأقلَّ إسكاراً من الخمر، حتى أنه قيل في صحيح مسلم وسنن أبي داود وغيرهما إن النبي نفسه قد استسقى النبيذ في أكثر من مناسبة، مع أن تلك النبيذ لم تبلغ حد الإسكار حسب المصادر. وكان هناك فئة من المعتزلة التي لم تكتفِ بتحليل النبيذ فحسب، بل ذهبت إلى تحليل الخمر أيضاً، بشرط ألّا يصلَ شاربُها إلى مرحلة أن يساعدَ الشيطانَ الرجيمَ على إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين، أو على صدّهم عن ذكر الله والصلاة. نادراً ما نجد في تاريخ الأديان أن القراءة الحرفية تنتج مثل هذه النتيجة المفرحة.

إن شكّلتْ مسألة الأشربة موضعَ جدلٍ لدى رجال الدين، فقد كان الأمر أصفى وأبسط خارج المساجد، حيث كانت الأغلبية الساحقة من نخبة المجتمع تشرب المُسكِرات. من وزراء وحكماء ومفكرين ومغنّين، كلّما كان الشخص أكثر ثراءً ومكانة، كانت مجالس شُرْبِه أفخر. وطبعاً أمجدُ السهرات كانت عند أمير المؤمنين نفسه، فمن البديهي أن يكون لمنادمة خليفة الله وأمينه تعالى إمام الهُدى وخير البريّة، ميزاتٌ لا تقارَن. خذوا، كمثال من أمثلة لا تحصى، الوصف التالي لأحد مجالس الخليفة العباسيّ محمد الأمين في بغداد:

لم ترَ العرب ولا العجم مثله، قد صُوّر فيه كلّ التصاوير، وذُهِّبَ سقفُه وحيطانُه وأبوابُه، وعُلِّقَت على أبوابه ستورٌ معصفرة مذهبة، وفُرش بمثل ذلك من الفَرْش (...) فدخلوا فرأوا أُسّاً لم يروا مثله قط ولم يسمعوا به، من إيوان مشرف فائح فاسح، يسافر فيه البصر، وجعل كالبيضة بياضاً، ثم ذُهّب بالإبريز المخالَف بينه باللازورد (...)

«إني أحببت أن أُفرغ مُتعة هذا المجلس معكم، وأصطبح فيه بكم» (قال الأمين لندمائه). «وقد ترون حسنه، فلا تنغِّصوني ذلك بالتكلّف، ولا تكدِّروا سروري بالتحفّظ، ولكن انبسطوا وتحدثوا وتبذلوا، فما العيش إلّا في ذلك».

أُتِي بالشراب كأنه الزعفران، أصفى من وصال المعشوق، وأطيب ريحاً من نسيم المحبوب (...)، و[شربوه صبوحاً وغبوقاً حتى ناموا في أماكنهم


كالعادة، كان هناك من بين الضيوف شعراءٌ شرفاء، وهم مطلوبون دائماً عند أمراء المؤمنين كندماء، بفضل ما كان لديهم من علم وظرف وفكاهة. فليس بصدفة أن أصبح شُرْبُ الخمر أحدَ أهم أغراض الشعر في زمن الخلافة العظمى، وأحياناً قد أَلَّفَ هذا الشعرَ الخلفاءُ أنفسهم، إذ أن ديوان الخليفة الأموي الوليد بن يزيد، على سبيل المثال، فيه بعض الخمريّات الأجمل (والأمجن) في الأدب العربي كُلّه:

أُشْهِدُ اللهَ والملائكةَ الأبْ-.... رَارَ والعابِدينَ أهْلَ الصَلاحِ

أَنَّنِي أَشْتَهِي السَّماعَ وشُرْبَ ال-... كأسِ والعَضَّ لِلخُدودِ المِلاحِ

اسقِني يا زَيدُ صِرْفاً... اسقِني بالطَرْجَهَارَهْ
اسقِنيها مرّةً يأ-....  خُذُنِي مِنْها استدارَهْ
اسقِنيها كَيْ تُسَلِّي.... ما بِقَلبِي مِنْ حَرَارَهْ

ا أيُّها السَّائِلُ عن دِينِنَا...  نحنُ على دِينِ أبي شاكِرِ

نشربُها صِرْفاً ومَمْزُوجَةً...  بِالسُّخْنِ أحياناً وَبِالفاتِرِ

لا شك أن الوليد امتازَ في إدمانه على الخمر حتى عن باقي المدمنين من الخلفاء، فمن مآثره السباحة في بركة مملوءة خمراً (يظنّ بعض علماء الآثار أنها كانت توجد في قصر هشام، شمال أريحا)، بالإضافة إلى محاولته القيام بحج البيت الحرام ومعه العديد من القيان وقناني الخمور، سعياً ليجعل الكعبة المشرفة «خيمة احتفالٍ»، حسب كلمات المؤرخ الأستاذ ستيفين جود. وكونه قد أغضب الطبقة الحاكمة جميعاً تقريباً، اغتيلَ الوليد بن يزيد نتيجة انقلاب بعد مرور سنة واحدة فقط على مبايعته.

خيْرُ شعراء الخمر (ناهيك عن شاربيها) كان أبا نواس، شاعر بلاط الخليفة الأمين ونديمه الحبيب، الذي أنشد أكثر من ثلاثمائة خمرية لا يزال يقرأها العرب حتى يومنا هذا. مُشاغبٌ شهير، مُفاخرٌ بمضاجعته الرجال قبل النساء، كانت عبقريته مدهشة الامتداد، صعوداً ونزولاً، قادرة على تناول أعظم مسائل الدنيا والآخرة، وأسفلها وأسخفها سواء. وبسبب سخريته الجسورة من محافظي الدين والثقافة، سُجِنَ الشاعر أكثر من مرة، وليس من الصعب كثيراً تخيُّل ذلك إذ ننظر إلى تلك القصائد الساخرة الآن، حتى (أو خصوصاً) في عام 2018:

لو كانَ لي سَكَنٌ في الراحِ يُسعِدُني... لما انتظرتُ بِشُرْبِ الراحِ إفطارا

الراحُ شيئٌ عجيبٌ أنتَ شارِبُها...  فاشربْ وإنْ حَمَّلتْكَ الراحُ أوزارا

يا مَنْ يَلومُ على حَمراءَ صافيةٍ...  صِرْ في الجِنانِ وَدَعْني أسكُن النّار

طبعاً، يشير بقوله «إفطارا» إلى صوم رمضان، ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، التي كاد أبو نواس أن يسخر منها جميعاً، سواء كان فرض الصلاة، أو الزكاة، أو الحج. لعلّ أنَّ الشاعر اتُّهمَ بالزندقة، ووُعِدَ بنار جهنم من قبل بعض الدعاة، ليس أمراً مستعجباً للغاية.

ولكن، مع كل ذلك الاستخفاف المجاهر بعبادات الدين وأفعال الصالحين، لم يزل أبو نواس رجلاً ديّناً صادقاً من نواح أخرى لا بأس بها. فبالإضافة إلى خمرياته و«كُفْرياته» (كما سُميت مجموعة صغيرة من أبيات ديوانه)، نظم العديد من الزُهْديات المتنسّكة، الداعية إلى التقوى والتوبة، حتى خَشي عميدُ الزهديات أبو العتاهية أن يتفوق حُسْنها على أعماله النبيهة. وبالتالي كان أبو نواس حافظاً للقرآن منذ طفولته البصراوية (حيث قال له معلمه يعقوب الحضرمي إنه «أقرأُ أهل البصرة»)5، ومُحدِّثاً للحديث، قد عَلَّمَ الفقيهَ الكبير الإمام الشافعيَّ، وما زال يوجد حتى اليوم حديثان على الأقل ذُكِرَ اسمُ الشاعر في سندهما. وعند وفاته، قيل إن الخليفة الحاكم وقتها، عبد الله المأمون، قد نَحَبَ جزعاً: «ذَهَبَ ظَرْفُ الزمان بذهابه، وانحطّت درجة القريض بهلاكه، فلعنةُ اللهِ على مَنْ سعى به!»

كيف يُفسَّر هذا التناقض الظاهر؟ إنه سؤال أحاول إجابته في كتابي فكاهة معتّقة: خمريات أبي نواس الإسلامية. الجواب القصير هو أنه لم يكن سيبدو متناقضاً في زمن الشاعر ومعاصريه، فبكل بساطة لم يكن من الغريب آنذاك للمفكرين المسلمين أن يشربوا المسكرات. العالِم الموسوعي أبو زيد البلخي، على سبيل المثال، كان يشجّع شُرْب الكحول لفوائده الصحية «الاستثنائية» من جهة، ومن جهة أخرى كان قد كتب تفسيراً للقرآن استحسنه رجال الدين بشدة. الجواب الأطول قليلاً هو أن أبا نواس كان يشتبك، من خلال شعره، بجدال قد استمرَّ منذ صدر الإسلام، ولم يخصّ ذلك الجدال مسألة المسكرات فحسب، بل مسائل الفكاهة، والسخرية، والحريات الشخصية، والذنوب، والغفران. وإن حُسِمَ الجدال لاحقاً لصالح الطرف المحافظ المُحَرِّم، فكان ذلك نتيجة عوامل تاريخية وسياسية عابرة أكثر من أي ثوابت جوهرية لآيات القرآن. شِعْرُ أبي نواس يسمح لنا أن نتصور كيف كان ممكناً للأمر أن يكون مختلفاً، كما أنه لا يزال ممكناً أن يصير مختلفاً.

ليست إعادة النظر في تحريم الخمر فقهيّاً مُرجّحةً على الأفق القريب، إذ في عام 2012 تعرَّضَ الأستاذ الأزهري د. سعد الدين الهلالي لهجوم إعلامي عنيف حين قام بمجرد ذكر أن العلماء الأحناف كانوا يحللون شرب النبيذ سابقاً، دون أن يشاركهم ذلك الرأيَ الأستاذُ نفسه. وهكذا فإن مشروع الملك السعودي الجديد المُعلَن عنه في تشرين الأول الماضي «للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية» و«القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة» سيكون له عمل على مدار الساعة لسنوات طويلة، إذا كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستقبل بتناول الخمر.

على كل حال، وإلى ذلك الحين، فإنه بوسع ملايين المسلمين الذين يشربون المسكرات أن يعلموا أنهم ليسوا شواذّاً خونةً لتراثهم وهوياتهم، وإنما أصحاب تقاليد محليّة بامتياز، عربية وغير عربية، قد التزمها إخوتهم وأخواتهم المؤمنون والمؤمنات خلال تاريخ الأمة الإسلامية كله، ومنذ أيام الرسول نفسه. ألا يجبُ احترام التقاليد؟


تُرجمت هذه المقالة، مع بعض التعديلات، من مقالة تم نشرها باللغة الإنجليزية على موقع ذا ديلي بيست (The Daily Beast) يوم الخامس من شهر أيار، 2018، 

11‏/2‏/2019

قرابة الرسول وصحابة الرسول منزلتين عظيمتين
قرابة الرسول وصحابة الرسول منزلتين عظيمتين 
ببساطه ،،
لا شك في أن الجميع يعرف ويعلم تمام العلم أن قرابة الرسول هم ذرية خليفته ،
وأيضا كذلك لا شك في أنهم يعرفون ويعلمون تمام العلم أن صحابة الرسول هم أوائل المسلمين ،
والسبب
لأن كل ذلك صحيح ولا شك فيه
ولكن إذا سألت أين الشك ،؟
الشك أن هناك نموذجين لقرابة الرسول وهناك نموذجين لصحابة الرسول ،
وهما نموذج الكتاب ونموذج التراث .
بحيث لدينا ذريه في الكتاب وأيضا لدينا ذريه في التراث
وكذلك لدينا أوائل للمسلمين في الكتاب ،
ولدينا أوائل للمسلمين في التراث .
فأي من نموذج الذريتين ونموذج المسلمين الذين نجدهما في الكتاب والتراث هما قرابة الرسول وصحابة الرسول ؟
هل ذرية الكتاب وصحابة الكتاب ،هم قرابة وصحابة الرسول
ام هل ذريةالتراث ومسلمين التراث هم قرابة وصحابة الرسول ،؟
بحيث حينما تنظر للواقع او عندما تبحث وتسأل عن معرفة قرابة الرسول وصحابة الرسول لن تجد سوى بني اسرائيل وقريش هم الممثلين لقرابة الرسول وصحابة الرسول .وهذا ما يوجد في التراث .وهو المفهوم الذي مسيطر على عقول العالم
أما نموذج الكتاب فلا وجود له في الواقع بل معطل تماما ولا ذكر له لا من قريب ولا من بعيد ،
فبما أن قرابة الرسول وصحابة الرسول هما منزلتين عظيمتين ولهم أهمية كبيرة بالنسبه لحياة العالم فلم يترك الله أمر المنزلتين لمن هب ودب أن يتقمصهما بل ميزهما بختمين او علامتين يصعب تقليدهما ،فنجد ان الله قد ميز وجعل لكل منزله من هاتين المنزلتين سمه او علامة تعرف بها ويصعب تقمصها اوانتحالها ،
بحيث من حاول التقمص أو الإنتحال افتضح في الحال بتلك الميزتين لانهما لا يتقمصان ،
إذا
قرابة الرسول هم ذرية خليفة الرسول وخليفته مخلوق خلق ،
بحيث لا يختار ولا يعين خليفة الرسول إلا الله .لأنه خليفه مخلوق وليس خليفه بالترشيح او بالوصيه.
ولا يقدر على الخلق إلا الله ، ولذلك الله هو الذي خلق خليفة رسوله ونفخ فيه من روحه وجعل له ذرية من صلبه تملاء الارض ،
وصحابة الرسول هم المسلمين الأنبياء الذين يحملون ختم النبوه .
وهذا ما في داخل كتاب الله
وبهذا نجد ان الخلافه والنبوه هما ختمي أو علامتي القرابه والصحابه اللتين يصعب تقليدهما او تقمصهما لأن الله هو الذي جعلهما ليتم بهما تميز هاتين المنزلتين العظيمتين إًذا تم محاولة إنتحالهما في يوم ما من قبل المجرمين ،
فيتم التعرف على قرابة الرسول وصحابة الرسول بهذين العلامتين اوهذين الختمين
فالخلافه علامة القرابه
والنبوه علامة الصحابه .
فلا قرابة لرسول الله إلا من هم ذرية خليفته ،
ولاصحابه لرسول الله إلا من هم مسلمين وأنبياء،
فبختم الخلافه يتم معرفة أن البيت الآدمي هم القرابه
وبختم النبوه يتم معرفة أن الأنبياء هم الصحابه .
وبهذا يسقط انتحال قريش وبني اسرائيل للقرابه والصحابه الذي به تم ضلال العالم عن معرفة أن البيت الآدمي والأنبياء انهم قرابة الرسول وصحابة الرسول ،
فالمسلمين الذين يحملون علامة اوختم النبوه هم صحابة الرسول
والذريه التي تحمل العلامة التكوينيه للخليفه التكويني هم قرابه الرسول ،
وبهذين الختمين اللذين يصعب تقليدهما لن تجد أن قرابه الرسول وصحابه الرسول غير البيت الآدمي والأنبياء
البيت قرابة والأنبياء صحابة ،
حيث يتم إستخراج الصحابه بختم النبوه ،
ويتم إستخراج القرابه بختم الخلافه ،
أما قريش وبني اسرائيل فلا هم الصحابه ولا هم القرابه .
بل قريش وبني اسرائيل هم أبناء المسلمين الأنبياء صحابة الرسول ،
وهم الذين خرجوا من خط الصحابه و انتحلوا صفة منزلتي الصحابه والقرابه وإستهدفوا القرابه الحق ذرية الخليفه الذي جعله الله خليفة في الأرض كلها .
وبهذا غيبوا الصحابه الحق والقرابه الحق وضلوا العالم عنهما من خلال إنتحالهم لصفة القرابه والصحابه المحددان في الكتاب ،
ولذلك لا يمكن أن يتحدد موقع بني اسرائيل وقريش كمنتحلين للمنزلتين ومضلين العالم عن ذلك ومؤذين قرابة الرسول إلا حينما يتحدد من هم قرابة الرسول ومن هم صحابة الرسول بالميزتين او الختمين اللذين جعلهما الله ليتم تميز منزلة القرابه والصحابه بهما ،
حيث ما الإنتحال والضلال إلا في حكاية من صحابة الرسول ومن قرابة الرسول ، فلو كان العالم يعلم أن قرابة الرسول هم البيت الآدمي الذي يحمل ختم الخلافه وأن صحابة الرسول هم المسلمين الذين يحملون ختم النبوه
لم صار هناك إنتحال ولا صار هناك ضلال في هذا الباب ،
بل ما تم الإنتحال و الضلال إلا لعدم معرفة أن ختم الخلافه والنبوه هما ختمان لتميز القرابه والصحابه حال إنتحالهما ،
فما عمد الله هاتين المنزلتين بالخلافه والنبوه إلا لأجل أهميتهماوعظمتهماوالحفاظ عليهما من الإنتحال وضلال العالم عنهما ،
فبالخلافه والنبوه ستجد أن قرابة الرسول هم البيت الآدمي وأن صحابة الرسول هم الأنبياء .
وما الحكمه من الخلافه والنبوه إلا لتحديد القرابه والصحابه .
وبتحديهما يتم تحديد الجناة المنتحلين والمضلين العالم عن ذلك ،
فأي ذريه لا تحمل ختم الخلافه فهي ليست قرابة الرسول بل هي المدعيه والمنتحله لتلك المنزله،
وأي صحابه لم يحملون ختم النبوه ليس هم صحابة الرسول بل هم المدعين والمنتحلين لتلك المنزله .
حيث لا قرابه ولا صحابه لرسول الله إلا من كانوا يحملون ختم الخلافه والنبوه
وبهذا نجد أن الحكمه من
النبوه أنها ختم وعلامة لتميز الصحابه
وأن الحكمه من الخلافه أنها ختم وعلامة لتميز القرابه
فلا قرابه لرسول الله إلا من يحملون ختم الخلافه
وهنا لن تجد غيرالبيت الآدمي من يحمل ذلك الختم فهم قرابه رسول الله ،ولا غيرهم قرابه .
ولاصحابه لرسول الله إلا المسلمين الذين يحملون ختم النبوه ،
و هنا لن تجد غير الأنبياء من يحملون ذلك الختم فهم صحابه رسول الله ولا غيرهم صحابه 
تلك هي حكاية المنزلتين العظيمتين قرابة الرسول وصحابة الرسول ،

5‏/2‏/2019

ابن إمام مسجد أصله فلسطيني أصبح رئيسا لدولة أميركية

استيقظت “السلفادور” الواقعة بين غواتيمالا وهندوراس في أميركا الوسطى، على نتائج انتخابات رئاسية جرت أمس الأحد، وأسفرت صباح اليوم عن فوز كاسح من الجولة الأولى لسياسي ورجل أعمال فلسطيني الأصل، متحدر من مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، هو “نجيب أبو كيلة” المولود في العاصمة سان سلفادور، من أب فلسطيني توفي منذ عامين وأم سلفادورية اسمها Olga Ortez لا تزال على قيد الحياة، لها من زوجها الراحل 4 أبناء نراهم في صورة أدناه، ومعهم والدها المتوفى قبل عام بعمر 92 سنة.

أبو كيلة، المتزوج منذ 4 أعوام من السلفادورية Gabriela Rodriguez التي رافقته بزيارة قام بها إلى إسرائيل العام الماضي، هو من خارج حزبين رئيسيين اعتادا تداول السلطة منذ انتهت الحرب الأهلية في 1992 بالبلاد، وكان من 2015 حتى العام الماضي رئيسا لبلدية العاصمة التي أبصر فيها النور قبل 37 سنة، وفقا لما قرأت “العربية.نت” بسيرته المتضمنة أنه اشتهر بحملته المستمرة على مكافحة الفساد والمرتشين، لذلك أنهى بفوزه عقودا من تبادل الحكم بين حزب “جبهة فارابوندو مارتي” اليساري ومنافسه حزب “التحالف الوطني الجمهوري” المحافظ.

وكانت بعض الوكالات بثت قبل الانتخابات عن Nayib Bukele الملم بالإسبانية والإنجليزية وبعض العربية، أن “الشعور بالاستياء من المؤسسات جعل المدلين بأصواتهم ينشدون بديلا للأحزاب التقليدية” مع أن أبو كيلة الواصف نفسه بيساري، شكل ائتلافا سماه Nuevas Ideas أو “أفكار جديدة” يضم حزبا يمينيا له 11 مقعدا بالبرلمان في السلفادور البالغ سكانها 6 ملايين و500 ألف، بينهم أكثر من 150 ألف عربي مغترب ومتحدر، نصفهم تقريبا من الفلسطينيين، والباقي لبنانيون وسوريون.

أما منافسه الأكبر، فهو Carlos Calleja من “التحالف الوطني الجمهوري” فحل بنتائج اليوم في المركز الثاني، إلا أن حصول أبو كيلة الذي نشأ في أسرة غنية على 53.7% من أصوات 81% من صناديق الاقتراع في جولة أمس الأولى، جعل المنصب الأول في البلاد من نصيبه، وإلا كان عليه خوض جولة إعادة في مارس المقبل ضد صاحب المركز الثاني، فيما لو حصل كل منهما على أقل من 50% من الأصوات.

فوز لن يفرح له الفلسطينيون

ويبدو أن فوز ثاني مسلم بمنصب الرئاسة في أميركا اللاتينية بعد الرئيس الأرجنتيني الأسبق، السوري الأصل كارلوس منعم، لن يسعد معظم الفلسطينيين بالتأكيد، لأنهم غاضبون من زيارة قام بها إلى إسرائيل في فبراير العام الماضي، حيث اجتمع إلى رئيسي بلديتي تل أبيب والقدس، وإلى مسؤولين آخرين بالحكومة، بل شارك في طقوس يهودية عند حائط المبكى وجبل “هرتزل” بالقدس المحتلة، وفقا لما نرى بفيديو له ولزوجته تعرضه “العربية.نت” أدناه، لذلك استنكروا ما فعل وأصدروا بيانات، بثت ملخصات عنها وكالة “معا” الإخبارية الفلسطينية ذلك الوقت، وفيها نددوا بزيارته وبتنكره لأصله الفلسطيني “وللتاريخ المشرّف الذي خطه والده”، وفق تعبيرهم.

ووالد رئيس السلفادور الجديد، هو الدكتور أرماندو (أحمد) أبو كيلة قطان، المعروف قبل وفاته في 2017 بأنه كان رجل أعمال ناجحا، اشتهر بلقب “إمام السلفادور” وبنى مسجدا كان إمامه قرب مصنع نسيج أسسه وتركه إرثا لأبنائه الأربعة، وأبرزهم الآن هو الرئيس الموصوف بأنه بدأ حين كان عمره 18 سنة “بإدارة شركة أسسها بنفسه”، على حد ما ذكرته عنه صحيفة El Faro المحلية في تقرير أضافت فيه أنه يملك شركة “ياماها” للمحركات بالسلفادور المعتبر من أثريائها. 

8‏/1‏/2019

7‏/1‏/2019

ماذا عن المولوية أحد الطرق الصوفية السنية
المولوية أحد الطرق الصوفية السنية.
 مؤسسها الشيخ جلال الدين الرومي (604 هـ - 672 هـ = 1207 - 1273 م).
 وهو أفغاني الأصل والمولد، عاش معظم حياته في مدينة قونية التركية، وقام بزيارات إلى دمشق وبغداد. 
وهو ناظم معظم الأشعار التي تنشد في حلقة الذكر المولوية.
 واشتهرت الطريقة المولوية بتسامحها مع أهل الذمة ومع غير المسلمين أيّاً كان معتقدهم وعرقهم ،ويعدها بعض مؤرخي التصوف من تفرعات الطريقة القادرية .

اشتهرت الطريقة المولوية بما يعرف بالرقص الدائرى لمدة ساعات طويلة، حيث يدور الراقصون حول مركز الدائرة التي يقف فيها الشيخ، ويندمجون في مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحى فيتخلصون من المشاعر النفسانية ويستغرقون في وجد كامل يبعدهم عن العالم المادي ويأخذهم إلى الوجود الإلهي كما يرون.

اشتهر في الطريقة المولوية النغم الموسيقي عن طريق الناي، والذي كان يعتبر وسيلة للجذب الإلهي، ويعتبر أكثر الآلآت الموسيقية ارتباطاً بعازفه، ويشبه أنينه بأنين الإنسان للحنين إلى الرجوع إلى أصله السماوي في عالم الأزل.

قونية
لا تزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا في مركزها الرئيسي في قونية. 
ويوجد لها مراكز أخرى في إسطنبول، وغاليبولي، وحلب. ورغم منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف إلا أن الجهات الرسمية في تركيا تستخدم مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركي. ويحضر جلسات ذكر المولوية كل من يريد من كل الأجناس ومع كل الأديان ويلقى الجميع تسامحاً ملحوظاً من المولويين.

مبدأها
يؤمن المولويون بالتسامح غير المحدود، بتقبل الآخرين، التفسير والتعقل الإيجابي، الخير، الإحسان والإدراك بواسطة المحبة. ويقومون بالذكر عن طريق رقص دوراني مصاحبا موسيقى وتسمى السمع والتي تعتبر رحلة روحية تسمو فيها النفس إلى أعماق العقل والحب لترقوا إلى الكمال. 
وبالدوران نحو الحق، ينمو المريد في الحب، فيتخلى عن أنانيته ليجد الحقيقة فيصل إلى الكمال. ثم يعود من هذه الرحلة الروحية إلى عالم الوجود بنمو ونضج بحيث يستطيع أن يحب كل الخليقة ويكون في خدمتها.

والمريد المولوي يسمى "درويش" والتي تعني الفقير أو الشخص الممتن بأقل الحاجات المعيشية.

وعادة، تمارس طقوس السمع في مكان كان يسمى بالسمعخانة وتعني مكان السمع بالتركية. كما تحولت بعض التكاية إلى ما يسمى بالتكية المولوية بحيث كانت تحتوي على سمعخانة لممارسة الذكر وأماكن لحدمة الدراويش.

ويرتدي الدرويش عباءة سوداء تسمى حركة وتدل على القبر، فوق ألبسة بيضاء فضفاضة تدل على الموت وقبعة عالية بنية اللون تسمى الكلّة.

منشأها
مؤسسها هو محمد جلال الدين بن حسين بهاء الدين البلخى القونوى البكري، المولود في بلخ بأفغانستان اليوم. عاش جلال الدين عهد اضطرابات وحروب من فتنة جنكيزخان حتى الحروب الصليبية، وما صاحب ذلك من مظاهر القتل والتخريب ومن جانب آخر ظهرت عدة فرق ومذاهب مختلفة مثل المعتزلة، والمرجئة فرأى الرومي ضرورة ظهور دعوة تهدف إلى الحفاظ على الإسلام في النفوس، وحث المسلمين على التماسك والحفاظ على وحدتهم، ومن هنا ظهرت الطريقة المولوية، خاصة وأن مولانا كان قد تتلمذ على يد العارف العالم شمس الدين التبريزى الذي حول مسار مولانا جلال من علم القال إلى علم الحال والخلوة والذكر. قام التبريزى بتدريب الرومي على أصول التوحيد مع الاحتفاظ بالثقافة الشرعية.

وانتشرت المولوية أيام الدولة العثمانية عندما تصاهر الحكام العثمانيون مع المولويون عندما تزوج السلطان بايزيد من دولة حاتوم حفيدة سلطان ولد ابن جلال الدين وأنجبت محمد شلبي الذي أصبح السلطان العثماني محمد الأول بعد أبيه فأقام وقف لهم لدعم أعمالهم كما فعل السلاطين اللاحقين.

وخدم العديد من أتباع المولويون في الدولة العثمانية في مناصب مختلفة. وانتشروا إلى مناطق البلقان وسوريا ولبنان ومصر وفي فلسطين وبالاخص في مدينة القدس . حيث ما زالت تمارس طقوسهم إلى يومنا هذا.

وبنهاية الحكم العثماني، حُظِرت المولوية من قبل أتاتورك وحول مركزها في قونية إلي متحف وأغلق كل السمخانات والتكاية. 
وفي عام 1950، أعادت الحكومة التركية الاعتراف بها وسمحت للدراويش بممارسة الرقص الدائري سنويا في 17 ديسمبر ذكرى وفاة الرومي.

والآن، يتولى فاروق حمدان الشلبي، وهو الحفيد العشرون للرومي، أمور الطائفة. كسبت شهرة عالمية من خلال الحفلات التي تقيمها في كل دول العالم.

الذكر
الذِكر هو مجموعة من الابتهالات والأدعية والأناشيد الدينية. ولكل حلقة ذكر رئيس يسمى "رئيس الزاوية". وهي قد تسمو لتصبح من أنواع المراقبات الصوفية. ويبدأ الذكر عادة بتلاوة من القرآن الكريم، ثم الابتهالات والأدعية (الأوراد) حسب كل طريقة صوفية. ويبدأ رئيس الزاوية هذه الأوراد بآية (فاعلم أنه لا إله إلا الله).
 ويقوم أفراد الحلقة بترديدها، ثم يقول مستغيثاً (محمد رسول الله )، ثم تتوالى بعد ذلك فقرات حلقة الذكر ويمنع استخدام الآلآت الموسيقية باستثناء الدفوف والمزاهر.

وكانت حلقات الذكر المولوية تقام في مساجد أنشئت خصيصاً لهذه الطريقة. وتختلف حلقة الذكر في الطريقة المولوية عن غيرها، في أنها تنفرد بالحركة الدائرية التي يقوم بها عدد من الدراويش وفيها تستخدم آلة الناي.

الرقص الدائري
وتبدأ حلقة الذكر المولوية بتلاوة من القرآن الكريم من أحد المنشدين الجالسين في السدة، ثم يؤدي رئيس الزاوية بعض الأدعية والابتهالات.
 بعد ذلك ينشد أحد الدراويش شعراً يقول فيه: إذا رمت المنى يانفس رومي لمولانا جلال الدين الرومي وعند كلمة مولانا تضرب ثلاث ضربات، ويبدأ العزف بالنايات، ثم ينهض الدراويش ويبدؤون بالدوران بطريقة فنية خاصة.
فينزعون عنهم العباءات ليظهروهم يرتدون ألبسة بيضاء فضفاضة على شكل نواقيس. ويبدؤون بالدوران على ايقاعات الإنشاد الديني ويكون دورانهم سريعاً فتنفرد ألبستهم الفضفاضة وتصبح نتيجة الدوران السريع على شكل ناقوس، ويضعون على رأسهم اللبادة أو القلبق وأثناء الدوران يقومون بأيديهم بحركات لها معان صوفية ويشكلون بأيديهم ورأسهم لفظ الجلالة (الله) ويشترط أثناء الدوران ألا تتلامس أرديتهم.

الإنشاد
أما الإنشاد المرافق للمولوية فيبدأ بنشيد (يا إمام الرسل ياسندي/أنت باب الله معتمدي/وبدنيايا وآخرتي/يا إمام الرسل خذ بيدي). ثم يردد المنشدون عبارة (مدد مدد يارسول الله/مدد مدد ياحبيب الله..) وتتزايد سرعة الراقصين في الدوران بشكل مذهل حتى تصل إلى قمتها مع ترديد المنشدين لعبارة (يارسول الله مدد/ياحبيب الله مدد) وتتخللها من رئيس الزاوية عبارة (حي) وتختم وصلة الدوران بعبارة (الله الله..الله الله..الله الله يا الله) التي تتردد مرات عديدة قبل أن تختم وصلة الدوران.

الفن المصاحب للذكر المولوي
الطريقة "المَولوية" الصوفية المسؤولة بالدرجة الأولى عن ظهور واستمرار الموسيقى الدينية الصوفية في تاريخ تركيا القديم والمعاصر على حد سواء.
 كما أن أشعار وقصائد رجال الصوفية المشاهير مثل: الرومي، وسلطان ولد، ويونس إمره، وسليمان شلبي هي المادة الدسمة وحجر الأساس في تشكيل الموسيقى الصوفية التركية. وكان يطلق تعبير "درويش" داخل الطريقة المولوية على الشخص الذي يبلغ درجة "ده ده ليك" Dedelik، وهي أعلى الدرجات أو الصفات التي تطلق مبالغة على المنتسب القديم للطريقة المَولويّة، حيث "Dede" معناها "الجَدّ".

تعرف الموسيقى الصوفية عند الأتراك عمومًا بإسمين أولهما "سَماع" (بالتركي: Sema) أو السماعي وهو ما يصحب رقصة الدوران ويعتمد على آلات موسيقية بسيطة مثل الناي والدف والساز والقانون والثاني يسمى بالإلاهي (بالتركي: İlahi) ويعتمد على الشعر الموسيقي الذي يصف ويمدح صفات الله وتحتوي على أدعية.

ومن الأشكال المنتشرة في الوقت الحالي في الموسيقى الصوفية التركية: المجموعات المنشدة (بالتركي: Şarkılar Gorupu)، وهي مجموعات تتكون من خمسة إلى عشرة رجال يرتدون ملابس موحدة، ويقومون بالغناء أو الإنشاد الديني دون أي أدوات موسيقية، ولكن ينشدون على مقام موسيقي واحد لا يتغير، يتبادل أفراد المجموعة الإنشاد المنفرد، ثم يعودون مجدداً بين الحين والآخر للإنشاد الجماعي داخل الجوامع الكبيرة في المناسبات الإسلامية والاحتفالات العائلية والاجتماعية

المولوية في العالم

في تركيا
بدأت المولوية بعهد السلجوقيين في قونيا. وانطلاقتها من هناك أثر في الفن والتدين التركي. ومنها انتشرت في أماكن أخرى من البلاد الإسلامية.

وقد أخذت الموسيقى التركية الصوفية الكثير من أشعار وقصائد كتابي "مثنوي" و"ديوان الكبير" للرومي. ويقول ناصر عبد الباقي ده ده بأن الفضل في الموسيقى الصوفية التركية القديمة يرجع للمولوية، وإن أغلب مشاهير الموسيقى التركية كانوا مريدين في زوايا المولوية. ومنهم مصطفى أفندي، ومحمد زكائي، ونيزن صالح، وحسين فخر الدين، وأحمد عوني كونوك.

في سوريا

دراويش شاميين من القرن التاسع عشر - تصوير هارتاتت
المولوية إلى بلاد الشام مع العثمانيين. وكان أهل الشام يلفظون اسهم كـ"مِلَوِيين". اشتهرت المولوبة في مدينة حلب وكان لها جوامع وزوايا منها جامع المولوية في باب الفرج بحلب، وجامع المولوية بدمشق في أول شارع النصر مقابل محطة الحجاز, والجامعان لا يزالان موجودان.، منها جامع المولوية في باب الفرج بحلب، وجامع المولوية بدمشق في أول شارع النصر مقابل محطة الحجاز, والجامعان لايزالان موجودان.

في مصر
كان يدعى اتباع المولويون في مصر الدراويش أوالجلاليون نسبة إلى جلال الدين الرومي. كما عرفوا بدراويش البكتاشية والذين هم من أصل تركي. وكان مكان تجمع المولويون يسمى التكية المولوية أو تكية الدراويش أو السمعخانة (أي مكان الإنصات). 

وتعد التكية المولوية بالقاهرة أول مسرح بمصر والشرق وربما بالعالم كله، إذ ترجع عروض فرقة الدراويش المولوية إلى العصر العثماني ابتداء من القرن السادس عشر الميلادي- العاشر الهجري- وترجع المباني الأثرية إلى داخل مبنى التكية إلى عام 1315م، أي في بدايات القرن الرابع عشر الميلادي.
 وكان الهدف الأول للتكية إيواء وإطعام الدراويش المنقطعين للعبادة والفقراء. وتتألف «التكية» من عدة أجنحة، منها المسجد والأضرحة والمدرسة المخصصة لتعليم الأولاد القرآن والخط.

في ألمانيا
تتواجد المولوية في ألمانيا كذلك، ويتزعمها الشيخ عبدالله هاليس "abdullah halis dornbrach"، وهو ألماني الأصل، ولد في برلين عام 1945، ونشأ بها، واعتنق الإسلام عام 1965، بعد أن شعر في نفسه باستحالة الاستمرار على النصرانية، والتي مرّ في اعتناقها على الكاثوليكية التي كانت طائفة والدته، ولم يستطع المواصلة ، ثم عرّج على البروتستانتية والتي كانت طائفة والده، ثم جرّب الخروج عن النصرانية إلى البوذية، ولكنه أيضاً لم يجد مبتغاه، فكانت تجربة الإسلام خير ختام لرحلة الشك والتطواف في البحث عن الحقيقة. والشاهد أن هذه الطائفة تتواجد في مدينة تريببوس "trebbus"، وهي مدينة صغيرة في جنوب غرب برلين، وتبعد عنها مسافة 116 كيلو، وهي مدينة صغيرة، وعدد سكانها لا يتجاوز الثلاثمائة نسمة.

وفيها منزل الشيخ عبدالله هاليس، وفيه تقام حلقات الذكر، والتي يقدم إليها أتباع الطائفة من أماكن متعددة، وفيهم شرائح مختلفة، ومن بينها مثقفون ومثقفات ألمان متحولون إلى الإسلام ، أو ألمان من أصول تركية، كصبرية بالم "sabriyah palm " و دوروتيه بالم "dorothee palm"، وهما مثقفتان ولهما مشاركات معرفية في الدفاع عن الإسلام باللغة الألمانية.

والحلقة في هذا المولوية عند الشيخ عبدالله هاليس تبدأ بعد الصلاة بالقيام ببعض الحركات من الانحناء إلى الأمام ثم إلى اليمين واليسار، ويصاحب ذلك الضرب بالدف، وتتزايد سرعة الضرب عليه شيئاً فشيئاً، مع ترديد عبارة "لا إله إلا الله"، وهكذا.

والطائفة المولوية هذه ذات سمعة حسنة في مدينتها، بحسب مؤلفة كتاب المد الإسلامي في ألمانيا.