اجتمع زيدٌ الحكيم مع أبنائه العشرة وطرح سؤاله عليهم .. ( ما معنى الوطن ؟ ) فأجاب البعض وآثر البعض الصمت وكل من أجاب من وجهة نظره أنه أصاب , فالاجوبة لا تتعدى أن تكون بيوتاً وأحجاراً ومسافاتٍ نقطعها ذهاباً وإياباً من الأرض وإلى الأرض ..
فأمرهم أبوهم أن يجتمعوا صفاً واحداً وأن تكون المسافات بينهم قدر ذراع ومن أمامهم بقدر ذراع ,
وقال لهم : هذه مسافة تخيلية عن معنى الوطن فتخيل أنه أنت وأنت هو وهذا الذراع الذي بجوارك والذراع الذي أمامك هو وطنك هل هذا يسعدك ؟
فتبسم الأبناء وآثر أوسطهم ببسمته منتظراً تجليات الحكمة من فاه أبيه ! لازال الأب مسترسلاً يصب في آنيتهم معنى الوطن قائلاً .. من الطيب أن يكون الإنسان وطنه ولكن هل هذا أفضل أم عندما نتماسك وتتسع الرقعة ؟ وأمرهم بأن يعتصموا ويتمسكوا يداً بيدٍ قائلاً لهم وماذا لو كنا جميعاً بداخله ووضعناه بداخلنا وزادات أذرعنا تماسكاً وجغرافيتنا اتساعاً أليس هذا يقوينا ويكسر شوكة عدونا التي غرسها بالفُرقة فينا ؟ قد بدى قول الأب مفهوماً لديهم بأن الشتات لا يقيم دولة حتى لو ظننا أن هذه الدولة هي معنى ( الوطن ) حتى لو كانت ثائرة قوية مستقلة بذاتها لكنها تحتاج أن تتماسك وتتكاتف حتى يسمو بنا معنى الوطن وحتى نلج بأقدامنا ديارنا التي حرمنا منها . قال الحكيم : هذا دأب عدونا فينا مذ أن فرحناه بالإنقسام ولم تعد شورى ولا حاكماً واحداً لنا لما تبدلت التشريعات وأخذ كل منا بزمام أمره واندس فينا ما لا نعرفه حتى فرق الشمل وسعى في الأرض فساداً بل ونسب الفساد لنا , فإن نحن أردنا مبنى الوطن وتعلق فينا وتعلقنا به علينا أن نعرف من نحن ؟ عليكم يا أولاد أن تعلموا جيداً من أنتم ؟ بدايةًَ من أولكم لابد وأن يطرح على نفسه سؤالاً : من أنا ؟ ومن هو أخي ؟ أنا مسلمٌ بإسلامي أعتز وكلُ أخٍ لي في الإسلام له حقوقه عليّ مهما كان موقعه في الشرق كان أو في الغرب كلنا صفاً واحداً أخي : من يقف لازماً بجواري يحميني وأحميه لا يخطئني ولا أُسلمه وأُحب له ما أحب لنفسي , وهكذا دأبكم حتى إن جاءكم دخيل واندس بين أظهركم عرفتموه وكان من السهل عليكم أن تخرجوه وأن تجعلوه عبرةً لكل طامعٍ فيكم ... الوطن هو " أنكم شعوباً وقبائل لزاماً عليكم أن تتعارفوا وأن تتماسكوا جميعاً وتصطفوا حتى تصلوا جميعاً إلى منتهى السلامة ودار المقامة في الوطن الذي لا ينتهي خالدٌ أبد الآبدين دائم في جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ يوسف ملحم
ذات يوم ..وقفت معلمة الصف الخامس.. وألقت على التلاميذ جملة : إننى أحبكم جميعا .. وهى تستثنى فى نفسها تلميذ يدعى تيدى !! مستواه الدراسى متدنى جدااا ومنطوى على نفسه..وهذا الحكم منها كان بناء على ما لاحظته خلال العام فهو لا يلعب مع الأطفال و ملابسه متسخة..ودائما يحتاج إلى الحمام و إنه كئيب لدرجة إنها كانت تجد متعة فى تصحيح أوراقه بقلم أحمرلتضع عليها علامات x بخط عريض وتكتب عبارة رااااســــــــــب فـــى الأعــــــــلى ذات يوم طلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشئ ما ! لقد كتب عنه معلم الصف الأول : "تيدى طفل ذكى موهوب يؤدي عمله بعنايه و بطريقه منظمه" و معلم الصف الثانى : "تيدى تلميذ نجيب و محبوب لدى زملائه و لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان." أما معلم الصف الثالث كتب : "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتمااا به و إن الحياة فى منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات" بينما كتب معلم الصف الرابع : "تيدى تلميذ منطوى على نفسه لا يبدى الرغبة فى الدراسة وليس لديه أصدقاء و ينام أثناء الدرس" هنا أدركت المعلمه تومسون المشكلة ! وشعرت بالخجل من نفسها ! و قد تأزم موقفها عندما ..أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ما عدا الطالب تيدي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقاله ... تألمت السيدة تومسون و هى تفتح هدية تيدى وضحك التلاميذ على هديته وهى عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمةعن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة، وأرتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ، ويومها لم يذهب تيدى بعد الدراسه إلى منزله مباشرة بل أنتظر ليقابلها وقال : إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي ! عندها أنفجرت المعلمه بالبكاء لأن تيدى أحضر لها زجاجة العطر التى كانت والدته تستعملها ووجد فى معلمته رائحة أمه الراحلة !! منذ ذلك اليوم أولت أهتماما خاصااا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه و بنهاية السنة أصبح تيدي أكثر التلاميذ تميزااا فى الفصل ثم وجدت السيده مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته فردت عليه أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة بعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوةمن كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة فى ذلك العام موقعة بأسم إبنك تيدى . فحضرت وهى ترتدى ذات العقد و تفوح منها رائحة ذات العطر ----------------------------------------------------- هـــل تعلـــم مـــن هـــو تيـــدي الآن ؟! تيدي ستودارد هو أشهر طبيب بالعالم.. ومالك مركز( ستودارد) لعلاج السرطان هذه رساله لكل معلم ومعلمه في عالمنا العربي.. "ليت المعلمين والمعلمات في عالمنا العربي ..يدركوا قدر دورهم في بناء انسان او هدمه