آخر الأخبار

20‏/7‏/2013

جبهة «النصرة» تكفر الجيش «الحر»

إن انقلاب “جبهة النصرة” وتنظيم “القاعدة” على ميليشيا “الجيش الحر”، لم يكن وليد اللحظة، بل هو يأتي في سياق زمني متسلسل منذ بدء الحرب على سوريا، حيث نشط افراد “القاعدة” في البداية بالعمل العسكري تحت جناح هذه الميليشيا، وذلك عبر إنشاء كتائب تحمل أسماء وطابع إسلامي، انتشرت وبطلب من بعض الدول التي تدعم هذه التيارات في حلب وحمص وريف دمشق وإدلب، والهدف ان لا يتم القول ان الحراك في سورية هو وهابي الامر الذي قد ينفر ويبعد بعض السوريين عن هذه المجموعات. وبعد ذلك قامت هذه الكتائب بالانشقاق عن ميلشيا “الجيش الحر”، وتأسيس نواة “جبهة النصرة” التي وحدت جميع هذه الكتائب تحت لوائها فيما بقيت كتائب “إسلامية” اخرى انشقت بدورها حرة، ولكنها كانت تعمل تحت إمرة ولواء تنظيم “القاعدة” و”جبهة النصرة”، مثل لواء التوحيد وغيرها. بداية الانقلاب بدأ بعد قيام عناصر “جبهة النصرة” بطرد كتائب ميلشيا “الجيش الحر”، من بعض المناطق السوريّة التي كانوا يسيطرون عليها، وسيطرت الجبهة بدلاً منهم، ما خلق جواً متوتراً. بعدها بدأت “جبهة النصرة” بالخطة الثانية من استراتيجيتها، القائمة على تصفية جميع القيادات العسكرية والميدانية للحر، وإلغاء أي شعارات، أعلام، أفكار علمانية، والقضاء على كل ما له علاقة به، باعتباره حسب مفهوم “القاعدة” و”النصرة”، تنظيما علمانياً كافراً يخدم الغرب، وفق توصيفها. كل ذلك لم يكن بعيداً عن تطورات الملف السوري خارجياً، فبعد ما جرى في الأيام الأخيرة ما بين السعودية وقطر، يظهر بوضوح اتساع رقعة الخلافات، لأن كلا الجانبين يستخدم المجموعات المسلحة في سوريا ضد الآخر لتسوية حساباتهما الداخلية. ويبدو ان السعودية قد استطاعت عبر جهازها الاستخباراتي وعملائها، من اختراق الجسم “الاخواني” في سوريا المعروف بوفائه التقليدي لقطر وتركيا، وباتت تسيطر حاليا على ما يطلق عليه “استخبارات الاخوان داخل سوريا”، بقيادة “عماد الدين رشيد” الذي تدعمه الاستخبارات السعودية وهذا الأخير كان قد ظهر على شاشة قناة “الجزيرة” القطرية وهاجم دولة قطر، وحملها مسؤولية التشرذم والتشظي بين المجموعات المسلحة وغيرالمسلحة. اجتماعات المعارضة المنعقدة خلال الأشهر الماضية، اظهرت خلافات الجانبين بشكل جلي، حيث هددت قطر بأنها لن تستمر في إمداد المسلحين في سوريا بالمال والسلاح اذا ظل “الائتلاف” المعارض لا يرضخ لرغباتها وانفجر الخلاف السعودي ـ القطري بشكل مفضوح في الاجتماعات المغلقة، حول موضوع “الحكومة” التي اتخذ القطريون قرار تفعيل تأليفها من قبل شخصية “إخوانية” موثوقة قبل نحو أكثر من شهر، قبل أن تُفشل السعودية مسعاهم بضغطها الكبير على المسلحين وبعض المعارضين. وتقول مصادر معارضة في اسطنبول، إن القطريين قدموا وعداً جديداً بالتخلي عن هيتو مقابل التوافق مع السعوديين على شخصية أخرى “من الداخل”، غير أن المصادر نفسها أشارت إلى أن السعوديين شككوا في الوعود القطرية إنطلاقا من الوعد السابق الذي أخل به القطريون الشهر الماضي، عندما فاجأوا السعوديين بانتخابات تحت جنح الليل أتت بهيتو وأغضبتهم. غير أن أبرز ما في هذه الاجتماعات كان ما كشف عنه من اتفاقات سرية على استغلال النفط السوري من قبل المسلحين والدول الداعمة لهم، والزبون جاهز، وهو الاتحاد الأوروبي، الذي فضّل دعم المسلحين بالمال بدلاً من السلاح. حيث كشف عن صفقة مع المسلحين الذين يسيطرون على المناطق النفطية، تقضي باستغلال النفط السوري مقابل تقاسم المردود المالي الناجم عنها بين المسلحين. هذه الصفقة حظيت بتغطية خليجية ووعود بمساعدات تقنية منهم، ولوجستية من قبل الأتراك، لجهة تأمين الممر اللازم لهذه المنتجات عبر الأراضي التركية، مقابل “رسوم عبور” ستتقاضاها الاستخبارات التركية تحديداً، كونها الجهة التي ستشرف على هذه النشاطات. في هذه الاثناء كانت خطة الإنقلاب على ما يسمى “بالثورة السورية” جاهزة، وهو ما أعده المدعو “أبو محمد الجولاني”، حيث تضمنت هذه الخطة نقاطاً “إستراتيجية خشنة” عسكرية للانقضاض على ميلشيا “الجيش الحر” ككل وتغيير مفاهيمه وقواعده. إن انشاء ميلشيا الحر كان تغطية على نشاط “القاعدة” في ما يسمى بالثورة السورية، وبات هذا “الجيش” واجهة غربية فقط لدعم “الفكر الوهابي” بطريقة غير مباشرة بإيصال السلاح إليها تحت حماية هذه الميليشيا، وإننا سنرى في الأيام المقبلة، وفق المعطيات ووفق ما تقدم، وحسب كل المناطق التي دخلها هذا الفكر، حرباً شرسة بين من يسموا انفسهم “ثوار” تؤدي لتحويل سوريا إلى ساحة تصفية الحسابات وتقوية حظوظ التفاوض على أبواب مؤتمرات سياسية دولية تبحث عن الحل المرتقب في سوريا، كون المعارضة السياسية السورية واقعة بين فكي ،التكفيرية و”العلمانية”، ويظهر أن المبادرات السياسية جميعها، في المستقبل القريب ستبنى على قاعدة أنه لن يسمح أن تكون سورية قاعدة متقدمة للمجموعات المسلحة المتطرفة، خاصة بعد اعلان جماعة طالبان التي افتتحت لها قطر مكتبا رسميا في الدوحة قبل ايام، أنها سوف تبدأ بالقتال في سورية.


Bookmark and Share

0 comments: