فضيحة.. بل جريمة موصوفة !! فلسطين
كتب محمد خروب :
نشرنا في «الرأي» يوم أمس وفي صفحة مختارات من الصحافة الاسرائيلية (السبت ص11) تقريراً للصحافية الاسرائيلية عميرة هاس, وهي لِمَنْ لا يعرفها صحافية يسارية شجاعة منحازة بلا تردد الى قضية الشعب الفلسطيني ورافضة لسياسة الاستيطان والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين, وهي اقامت طويلاً في قطاع غزة قبل أن تفرض اسرائيل الحصار عليه وتقيم منذ اربع سنوات في مدينة رام الله, وتكتب تقاريرها لصحيفة هآرتس من هناك..
نقول: نشرنا تقرير عميرة هاس, الذي شكّل صدمة لكل من قرأه وأحسب أنه اقرب الى الجريمة الموصوفة منه الى أي شيء آخر, عندما يتعمّق المرء في المعلومات الموثقة التي اوردها التقرير (والتي هي بالمناسبة نتاج رسالة ماجستير في الاقتصاد قام بها «الفلسطيني» عيسى سميرات ابن 43 سنة من بيت لحم قدمها قبل شهرين الى جامعة القدس في ابوديس)..
ما علينا..
وإذ ندعو كل مَنْ لم يقرأ التقرير هذا الى قراءته, حتى يقف على حجم الجريمة التي يرتكبها فلسطينيون, من اصحاب سلطة رام الله ومن أصحاب رؤوس الاموال, في حق قضيتهم ومستقبل شعبهم, فإن من المفيد هنا ايراد بعض الارقام والتفصيلات التي تساعد في كشف المستور, الذي واظب فلسطينيون رسميون ورأسماليون ومستثمرون الطمس عليه والتضليل ازاءه, عبر رفع نبرة خطابهم السياسي ورطانتهم الوطنية التي تعجّ بمفردات ومصطلحات مُزايِدة وفارغة, فيما هم يواصلون ارتكاباتهم ويشاركون في نشاط وهمة في تثبيت دعائم الاحتلال وسياسة قضم الاراضي, وسد الفراغ الذي ينشأ عن «انتقال المستثمرين الاسرائيليين الى التكنولوجيا العليا.. لينخرطوا في الفروع الانتاجية (الاسرائيلية) التقليدية, ما يوفر لإسرائيل ثلث الاستثمارات من العمال المهنيين المطلوبين للصناعات المختلفة, وأساساً قطاع البناء (ثلث استثمارات المستثمرين الفلسطينيين في مجال البناء و45% للبنى التحتية و38% لبناء المنازل في اسرائيل والمستوطنات)..
هل قلنا الاستثمار الفلسطيني؟
نعم... لا تستهينوا بالمبلغ فهو ضخم ومهول, حيث الرسالة/ الدراسة, تقول إن حجم الاستثمار الفلسطيني (الخاص) في اسرائيل حتى العام 2010 بلغ 5ر2 مليار دولار (وفق حساب متحفظ) فيما المؤشرات تشي بأن يصل الى 8ر5 مليار دولار, أما (وهنا ضعوا عشرات الخطوط الحمر تحت الرقم) حجم الاستثمار الفلسطيني الخاص في الضفة الغربية حتى العام 2011 لا يتعدى (58ر1) مليار دولار.. وَلَكُم ان تتخيلوا حجم فرص العمل, الأفقية والعامودية, التي ستوفرها اموال ضخمة كهذه لاهالي الضفة الذين تطحنهم البطالة ويفتك بهم الجوع..
هنا تبدو اركان الجريمة (الرسمية والخاصة) مكتملة ومتكاملة, فاصحاب رؤوس الاموال, يشكون من بيروقراطية ادارات السلطة, عوضاً عن كونها ادارة فاشلة ومنظومة الضرائب فيها لا تشجع الاستثمار, على ما يقول هؤلاء الذين اغتنوا فجأة ثم ما لبثوا أن نَسوْا-إن كانوا يتذكّرون أصلا-أن لهم قضية وأن شعبهم محتل ولاجئ في أرضه وأنهم بجرائمهم هذه, يكرّسون الاحتلال ويُسهمون في ازدهار دولة عدوهم (إن كانوا يرون فيه عدواً اصلاً) لكنه الجشع والتواطؤ، بل هم يُوظِفون في استثماراتهم، وبأجور عالية، اسرائيليين خدموا (...) في المدن الفلسطينية المحتلة, في قطاعات الجيش والشرطة والادارة المدنية وفي المخابرات، بذريعة أن دورهم في الأساس هو التسهيل من الاجراءات البيروقراطية الاخرى التي يصطدم بها رجل الاعمال الفلسطيني.
كعادتهم يبررون ويختلقون الذرائع (اقرأ الأكاذيب) فهم في الوقت الذي تتسع فيه وتتعاظم دعوات المقاطعة لاسرائيل وبخاصة انتاج المستوطنات حتى في الدول الغربية العاطفة على اسرائيل, فإنهم - أصحاب اوسلو - يقولون بأن اتفاق باريس (...) «لا» يحظر الاستثمار في اسرائيل والمستوطنات (!!).
ثم... وإذ هم يزعمون أنهم قد فوجئوا من الحجم الكبير «للظاهرة», إلاّ انهم لم يبذلوا أي جهود لاجتذاب رؤوس الاموال هذه، بل واصلوا «التسول» والاعتماد على أموال المانحين ولم يتوقفوا عن دعم الاجهزة الأمنية والشُرَطِية والتنسيق الأمني مع اسرائيل، وفيما ينهار اقتصاد الضفة الهش اصلاً، لا يتورعون في الحديث عن نسبة النمو المرتفعة وغيرها من ابداعات وانجازات سلام فياض، وإذ جاءت لحظة الحقيقة فإنهم يحاولون اثارة الذعر عبر الزعم أن وقف دعم واشنطن والدول المانحة... سيُعجّل بانهيار السلطة(!!)
حان الوقت لمحاكمة أولئك المتورطين «كلّهم» في بناء المستوطنات ودعم اقتصاد اسرائيل.
Kharroub@jpf.com.jo
0 comments: