القاعدة تجبي 5 ملايين دولار شهريا في الموصل
القاعدة تجبي 5 ملايين دولار شهريا في الموصل
امتنع داود عبد الرحمن، وهو صاحب صيدلية في مدينة الموصل عن دفع "الأتاوة" المفروضة عليه، وعلى غيره من أصحاب المحلات التجارية، من قبل ما يسمى بـ(دولة العراق الإسلامية) التابعة لتنظيم القاعدة المتشدد، لكن قراره لم يحمل إليه نتائج إيجابية.
وعندما كان يقوم في أحد الأيام بفتح باب صيدليته، انفجرت عبوة ناسفة وضعها أحدهم في سلة المهملات أمام محله، انتقاما من تجرؤه على عدم دفع "الاتاوة"، ما أدى إلى إصابته بإعاقة دائمة في قدميه.
ويقول عبد الرحمن، الذي كان جالسا في محله، وإلى جانبه عكازان تساعدانه على المشي "منذ عدة أعوام ونحن ندفع شهريا اتاوات تتراوح بين 100 إلى 300 دولار شهريا، لأشخاص يدعون أنهم يمثلون دولة العراق الإسلامية، والمبلغ هم يحددونه، ويبدو أن حجم المبلغ يرتبط بدواعي احتياجاتهم".
ويتحدث عبد الرحمن لوكالة كردستان للأنباء (آكانيوز)، عن تجرؤه قبل بضعة أشهر عن الامتناع عن دفع 100 دولار في الوقت المحدد، بالقول "أرسلوا يطلبون المبلغ مرتين، فامتنعت مجددا، وبعد نحو أسبوع وضع أحدهم عبوة ناسفة في سلة المهملات، وانفجرت وسببت لي إعاقة دائمة في قدمي".
ويتابع الصيدلي أن "أكثر ما نستطيع فعله هو عدم الامتثال لأوامرهم، بينما الاتصال بالأجهزة الأمنية لا يحل المشكلة، بل يعقدها أحيانا"، مضيفا "سبق أن اتصل بعض اصحاب المحلات التجارية بالأجهزة الأمنية، ولكنهم فوجئوا بتسرب المعلومات للمجاميع المسلحة بعد وقت قصير، وهنا تكون الكارثة".
وينظر المسلحون المرتبطون بتنظيم القاعدة، إلى مدينة الموصل باعتبارها عاصمتهم الاقتصادية، إذ أخذت هذه المجاميع بالسيطرة على بعض الأحياء، من خلال شراء العقارات بأموال الإتاوات.
ويرى مختصون أن التنظيمات المسلحة المرتبطة بالقاعدة في محافظة نينوى، تمول من الخارج بالدرجة الأساس، بينما يكون اعتمادها بالدرجة الثانية على تبرعات المتعاطفين معهم الذين يدفعون بسخاء، وتأتي "الجزية" أو "الاتاوات" في الترتيب الثالث، من حيث مصادر التمويل.
وتشهد المحافظة توترات أمنية شبه يومية، تتمثل في عمليات اغتيال وهجمات مسلحة وعبوات ناسفة ولاصقة، تستهدف في أغلب الأحيان قوات الأمن؛ لكن المدنيين لا يسلمون منها.
ويقول محمد فاضل، وهو صاحب محل للصياغة "لا يمكن لأحد أن يحمينا، وعلينا أن ندفع الاتاوة من أجل لقمة عيشنا واستمرار مهنتنا. السوق يعاني أصلا كسادا بسبب عدم قدوم أغلب زبائننا من خارج مدينة الموصل، وأرى أن دفع الاتاوة أسلم لنا".
وبحسب فاضل فإن "أغلب أصحاب المحلات التجارية، لا يرغبون في الاتصال بالأجهزة الأمنية لأنهم ليسوا محل ثقة وهم مخترقون، ولاسيما الشرطة. لدى بعضنا تجارب مريرة دفعوا ثمنها أموالا طائلة أو حياتهم، لأنهم اتصلوا بالأجهزة الأمنية وأبلغوهم عن أسماء الذين يجمعون الاتاوات".ويشير إلى أنه "في الفترة الأخيرة، لم يعد من السهولة حضور المسلحين لطلب الاتاوة، بل يتم أخذها بوسائل متخفية، كأن يحضر أحدهم على أساس أنه زبون. الوضع أصبح معقدا للمسلحين أكثر من السابق، كما أن الجانب الأيسر للمدينة أصبح أكثر أمنا من الجانب الأيمن".وتشير أرقام تقديرية إلى أن المبالغ التي يحصل عليها المسلحون، من خلال فرضهم الإتاوات على فئات من السكان، تتجاوز 5 ملايين دولار شهريا.
وتشير تلك الأرقام إلى أن هناك أكثر من 3160 مولدة أهلية، يجبر أصحابها على دفع نحو 200 دولار شهريا، فضلا عن 600 صيدلية، ناهيك عن محلات الصاغة وورش تصليح السيارات وأصحاب المهن الحرة.
ويقول صاحب مولدة واسمه عمر البجاري، إن "المولدة الكهربائية هي هدف سهل وبسيط ويمكن تدميرها أو إحراقها بسهولة. سأدفع 100 أو 200 دولار وأمري إلى الله، لأننا لا نثق بتاتا لا بالشرطة ولا بالجيش، ونرى أنه يوجد بينهم من يوصل المعلومات الاستخبارية للمسلحين".
ويوضح البجاري "نحن نعرف أن المسلحين أضعف من الحكومة، لكنهم أشد خطرا، وبإمكانهم ارتكاب أي عمل لإدامة تمويلهم، لذا فإن دفع الاتاوة أسلم لنا، في الوقت الحاضر على الأقل".
وغالبا ما ينتقد المواطنون الحكومة المحلية في نينوى، بأنها لم تحرك ساكنا تجاه حالات الابتزاز التي يتعرض لها سكان المحافظة.
ويقول الناطق الرسمي لحكومة محافظة نينوى قحطان سامي "نحن لا نستطيع تأكيد اتهامات المواطنين بوجود خرق للأجهزة الأمنية من قبل المسلحين، ولا ننفي ذلك، كما لا استطيع القول إن الأجهزة الأمنية سليمة 100 في المئة".
ويلفت سامي إلى أن "على المواطنين تشخيص الجهة الأمنية المتهمة بتسريب المعلومات للمسلحين، من أجل معاقبة المخالفين من مراجعهم المختصة".
ويشدد على ضرورة أن يذكر المواطن "أسماء المتورطين في جمع الاتاوات، وتأكيد مكان وموعد استيفاء الاتاوة، من اجل اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة هذه الظاهرة".
واعتبر سامي ان "التقارير الصحفية التي تشير إلى استيفاء 5 ملايين دولار شهريا من اصحاب المحال التجارية والمولدات الكهربائية في الموصل، رقم مبالغ فيه"، محذرا في الوقت نفسه من "وجود مجاميع إجرامية تفرض الاتاوات باسم مجاميع مسلحة، وتستغل خوف وحذر الأهالي في جني الأموال الطائلة
شبكة عراق القانون
0 comments: