آخر الأخبار

13‏/2‏/2019

داعش | ملف تفصيلي |


داعش، هو اسم مختصر لـتنظيم الدّولة الاسلامیة فی العراق والشّام، تنظيم تكفيري انشق عن تنظيم القاعدة، بعدما اكتسب مساندة من قوى إقليمية ودولية احتلّ مناطق واسعة من العراق وسورية وقام في المنطقة الحدودية الشمالية للبلدين.

وارتكب أبشع الجرائم الإنسانية وقتل المخالفين له من الشيعة والسنّة وغيرهما، وتسبب في خسائر بشرية ومادّية وثقافية، وهو كغيره من التيّارات السلفية الوهابية الجهادية يكفّر ويضلّل كلّ من لم ينضو تحت لوائه، ويزعم هذا التنظيم إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة كما كانت في زمن الرسول (ص).

ويحظى التنظيم بدعم دولي وتغطية خبرية كاملة من قبل الإعلام الغربي و منذ تأسيسه يتصدّر أهم العناوين في أخبار الصّحف والمحطّات الإخبارية العالمية الكبرى. ويحاول الإعلام الغربي والقوى العظمى تقديمه كممثّل للإسلام وأنّه و جرائمه تطبيق كامل لدولة إسلامية و دينية.

جذور داعش
الأسس الفكرية
يعتقد أحد منظّري الفكر الجهادي السلفي أنّ البنية الفكرية السلفية الجهادية لكل التنظيمات السلفية ومنها داعش تتألّف من: بعض الأصول المستقاة من آراء الإخوان المسلمين+ الأسلوب الحركي لسيد قطب+ الفقه السياسي لابن تيمية والمدرسة السلفية+ التراث الفقهي والعقدي للدعوة الوهابية. 
 فلو تم الرجوع إلى العقيدة الرسيمة لداعش وكذلك الكتب الصادرة عنه كـ "الدولة النبوية"، و"إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام"، و"عقيدتنا ومنهجنا" إضافة إلى كرّاسات صغيرة تتضمن موضوعات تخريب القبور، ومعنى لا إله إلاّ الله والديمقراطية لانطبق كلام هذا المنظّر السَلفي الجهادي بشكل تام على ما يؤمن به داعش. 

أرضيته في التكفير
داعش تنظيم تكفيري يستدعي دراسة ماضيه في الفكر التكفيري. والتكفير في اللغة يعني الاتّهام، ومفهومه في الشريعة الاسلامية هو أن يرى المسلمَ الآخرَ منَ المسلمين كافراً، وقال البعض:

اَلتّکفیر هُوَ نسبَةُ اَحَدِ اَهلِ القبلة إلی الکُفر.
وأشهر حادثة تكفير في التأريخ هي التي أثارها الخوارج في عهد خلافة الإمام علي (ع)، وكفّر الخوارج الإمام علي (ع) حينها. وعندما أرادت بنو أمية التخلّص من حجر بن عدي وأصحابه اتّهمته بالكفر ومن ثم قتلته.

أثار ابن تيمية فكرة التكفير، ويقول: أنّ من دعا إلى جنب قبر النبي (ص) أو أحد من الصالحين، وطلب حاجة فهو مشرك. فيجب استتابة فاعله، فإذا أبى يقتل.

وقد أخذ ميرويس عم محمود الأفغاني حكم قتل الشيعة من علماء السعودية آنذاك خلال سفره إلى السعودية في واقعة هجوم الأفغان إلى إصفهان. وقد استشهد مير محمد رضوي سنة 1088 هـ اثر تحريض من علماء أهل السنة، وتعرّض الشيخ الحر العاملي إلى محاولة اغتيال في نفس السنة، وكان في مكّة، فآوى إلى أحد الوجهاء هناك، وهاجر في الخفاء إلى اليمن.

وقال ابن باز وهو أحد المفتين الوهابيين أنّ الشيعة الأثني عشرية هم كفّار بدعوى أنّهم يعبدون الإمام علي (ع).

الارتباط الفكري والجهادي
الوهابية
لم يكن للتكفيرين على أرض الواقع مكان لقرون حتى ظهر محمد بن عبد الوهّاب، وتعاون مع آل سعود، فأحيا فكرة التكفير مرة أخرى، وأفتى بجواز قتل من يؤمن بشفاعة الملائكة والأنبياء وأولياء الله، ورأى أنّ المشركين في زمانه أكثر سوءً من زمان النبي (ص).

وفي متابعة خُطى ما آل إليه محمد بن عبد الوهاب حرّم ابن جبرين الزكاة على الشيعة؛ لأنهم كفّار بحسب رأيه، وأوجب الأخير مع الشيخ عبد الرحمن البرّاك الحرب على الشيعة بسبب اعتقادهم بوصاية الإمام علي (ع) وإقامة المآتم على الإمام الحسين (ع)، وقد عُرف هاذان المفتيان بانتمائهما الوهابي. كما يستقي داعش مفاهيمه من بعض الزعماء الفكريين وهم: ابن تيمية، محمد بن عبد الوهاب، سيد قطب، سيد إمام عبد القادر عبد العزيز، عبد الله عزّام، أسامة بن لادن، أبو مصعب الزرقاوي وأمّا آخر المفتين لداعش هما أبو همام الأثري وأبو منذر الشنقيطي. 

القاعدة
القاعدة من التنظيمات التكفيرية المعاصرة، وقد انطلقت سنة 1988م في بيشاور باكستان، كما ذاع صيتها منذ 1995م.

فكان قادة الجيل الأول للقاعدة هم عبد الله عزّام وبن لادن وأيمن الظواهري.
 جاء اطلاق اسم القاعدة على القوات المقارعة للشيوعيين في افغانستان التي استولت على قواعد مهمّة حينها، ثم أطلق على القوات نفسها اسم القاعدة. وعناصر القاعدة هم الأفراد الذين سيطروا على هذه القواعد، وأحكموا سيطرتهم عليها.

وكان ذلك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية كما جاء في كتاب خيارات صعبة لوزيرة خارجيتها كلينتون مؤكّدة أنّ من أوجد القاعدة لمواجهة السوفيات هم الأمريكان وتم الاتفاق على اعلان الدولة الاسلامية يوم 2013/7/5 لكي نعترف بتلك الدولة نحن وأوروبا فوراً، وكان ذلك بهدف تقسيم الدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط عموماً.

إنّ من القواعد الأصوليّة التي قام عليها تنظيم القاعدة هي جواز قتل المدنيّين. ففي عام 1998م شارك أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وآخرين، في توقيع وإصدار فتوى ما مضمونه: إنّ حكم قتل الأمريكيّين وحلفائهم المدنيّين والعسكريين، فرض عين على كلّ مسلم في كلّ بلد متى تيسّر له ذلك.

مراحل التأسيس
لا ينبغي إضفاء اسم تنظيم القاعدة على داعش، فلا ارتباط تنظيمي بينهما، إلاّ الارتباط الفكري والتاريخي. وداعش لم تكن يوماً ما ضمن القاعدة كي تنفصل عنها.  فبعد اختفاء الحرس الجمهوري العراقي وفدائي صدام، وأجهزة الأمن العراقية في نظام صدام حسين أثناء الغزو الأميركي للعراق انتقلت إلى العمل بسرّية تامة ضمن الجماعات المسلحة المناهضة للإحتلال، إضافة إلى إطلالة الجماعات السلفية التكفيرية على العراق، فهذان العاملان ساعدا بشكل على تكوين داعش 

فبعد سقوط نظام صدام حسين 2003م دخل العديد من عناصر الحرس الجمهوري العراقي وأجهزة الأمن العراقية إلى العمل المسلّح تحت غطاء جماعة التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوي والتي أعلنت بيعتها منذ 2004/10/17م لأسامة بن لادن، وتأسس بعدها مجلس شورى المجاهدين برئاسة عبد الله رشيد البغدادي بتاريخ 2006/01/15م الذي ضم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بالإضافة إلى فصائل أخرى كجيش الطائفة المنصورة وسرايا أنصار التوحيد وغيرها وغالبية هذه التشكيلات ما هي إلاّ تسميات وعناوين لجسم عسكري واحد لأجهزة النظام السابق.

والمجلس المذكور كان عبارة عن مجلس تنسيقي ينبثق عنه بيانات عسكرية وسياسية وشرعية موحّدة مع احتفاظ كل فصيل بهيكليته التنظيمية، وبعد قتل أبو مصعب الزرقاوي يوم 7 حزيران 2006م تأسّس حلف المطيبين بتاريخ 2006/06/12م وضم مجلس شورى المجاهدين بفصائله كافّة وغيرها من الفصائل المسلّحة، بعدها بتاريخ 2007/01/15م تم حلّ جميع التشكيلات المكوّنة لمجلس شورى المجاهدين بما فيها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وإعلان دولة العراق الإسلامية تحت قيادة أبو عمر البغدادي. وبعد هلاك الزرقاوي خلّفه أبو عمر البغدادي وبعد مقتل الأخير  استلم قيادة القاعدة إبراهيم عوّاد إبراهيم البدري السامرائي المشهور بأبي بكر البغدادي وقرّر الأخير أن يستلم قيادة الشام من الجولاني قائد جبهة النصرة ليُخضع العراق والشام تحت سيطرته. ومن ثم تأسّست الدولة الإسلامية في العراق والشام في 2013م.

القاعدة في العراق
إنّ داعش والقاعدة يعتقدان بوجود عدوين أمامها، ويصفانهما بالعدوّ البعيد والعدو القريب، وأنّ العدو البعيد هي الحضارة الغربية، وأمّا القريب فهي الحكومات والجماعات الإسلامية التي يختلفان معها في المعتقد وتتبائن معها في تفسير الأمور المختلفة. رسمت القاعدة مثلثاً جغرافياً لتسيطر على مقاليد القوة في المنطقة، فأوجدت جبهة النصرة في سورية بقيادة الجولاني ومجموعة عبد الله عزّام بقيادة ماجد الماجد في لبنان وأبو مصعب الزرقاوي في العراق 

كان الزرقاوي في أفغانستان لتدريب العرب المقاتلين بعد أن تعرضت قاعدته العسكرية عام 2001م إلى قصف صاروخي ففرّ بالتنسيق مع أحد قادة أنصار الإسلام إلى كردستان العراق، وأنشأ علاقات مع حركة أنصار الإسلام الكردية بزعامة الملا كريكار، كان الأخير قد عارض نشاطات الجماعات الجهادية فاتُهم بالخيانة ونُحّي عن زعامة جماعة أنصار الإسلام وحلّ محلّه أبو مصعب الزرقاوي.

بايع الزرقاوي، أسامة بن لادن شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2004م، وهو في العراق. فانضمّت بعض الجماعات الجهادية إلى الزرقاوي فأسس الأخير تنظيم قاعدة العراق في بلاد الرافدين. 

وكان الزرقاوي يسعى وراء تنفيذ هجمات إرهابية أفظع ضدّ الشيعة إلى إحداث شرخ بين الطائفتين السنية والشيعية وبثّ الفرقة بينهما. 

شنّت الولايات المتحدة الأميركية سنة 2003م غزواً على العراق بذريعة امتلاكه أسلحة كيمياوية وعلاقة صدام رئيس السابق بالزرقاوي، حيث وصف وزير الخارجية الأمريكي آنذاك الزرقاوي بأنّه الوسيط الرابط بين تنظيم القاعدة والنظام العراقي.

وطبقاً لتقرير أعدّته إحدى المؤسسات الدولية عن الجماعات التكفيرية في العراق فقد كشفت عن وجود 150 جماعة جهادية ناشطة في العراق بين الأعوام 2003م إلى 2006م. 

تشكيل دولة الإسلام في العراق
إعلان الدولة الإسلامية في العراق تبعه تشكيل مجلس قيادة وتولّى إمارة المؤمنين فيها حامد داود محمد خليل الزاوي 21 رمضان 2006م الذي أطلق عليه أبو عمر البغدادي وكان أميراً لجيش الطائفة المنصورة وكان في عهد النظام السابق يعمل في سلك الأمن وأصبح أحد منظّري الفكر السلفي عام 1985م.

تم اختياره أميراً لمجلس شورى المجاهدين في العراق خلفاً لأبو مصعب الزرقاوي تحت اسم أبو عبد الله الراشد البغدادي، ثم أميراً للدولة الإسلامية. 

من الإمارة إلى الخلافة
يدّعي أعضاء القاعدة أنهم يتطلّعون إلى إحياء الخلافة الإسلامية، وبما أنّ تحقيق الخلافة يُعدّ أمراً صعباً وغير قابل للتحقيق، فبادر هؤلاء إلى إنشاء إمارات متعددة، وذلك بعد اتسّاع مدّهم الجغرافي واتصال الإمارات بالأخرى حتى يؤسسوا لما يطمحون إليه من دولة الخلافة الإسلامية.

أعلن أبو محمد العدناني المتحدث باسم داعش سنة 2014م، عن أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين في إعلان قرأه ، وقال أنّ وعد الله قد تحقق.

في البداية احتلّ داعش مدينة الفلوجة ثم دخل سامراء ليخدع بذلك الجيش العراقي، ومن ثم احتلّ ثلاث محافظات ذات طابع سُني هي الأنبار ونينوى وصلاح الدين. ثم اتّجه إلى الموصل وبتنسيق مع البعثيين وقيادة الجيش هناك استلم المدينة من دون أيّ مقاومة تذكر.

وسيطر البغدادي أيضاً بتدبير من العقيد السابق في المخابرات الجيش العراقي حجي بكر على شمال سوريا.

فأعلن البغدادي ضمّ سوريا إلى حدود خلافته، حينها طلب الظواهري من البغدادي أن يركّز عمله في العراق، وأن ينسحب من سوريا، لكنّ البغدادي استولى على جميع آبار النفط في دير الزور والرقة وشمال شرق سورية، فرأى نفسه مستغنياً عن التنظيم المركزي للقاعدة، وأفاد قائلاً إنّي اخترت نفسي بين حكم أيمن الظواهري وحكم الله، فاخترت حكم الباري عزّ وجل، وقدّمته على الأول.

القيادة
أبو مصعب الزرقاوي
أحمد فاضل (فضيل) نزال الخلايلة الملقّب بأبي مصعب الزرقاوي، مؤسس تنظيم القاعدة في العراق ولد في عام 1966م، في مدينة الزرقاء بالأردن. طُرد من المدرسة الثانوية وهو في سنّ السابعة عشرة، وانغمس في حياة زاخرة بالعنف والمواد المخدّرة والكحول.
وربما اعتداء على النساء.
 تعرّف على مقولة الجهاد متأثّراً بخطب عبد الله عزام للجهاد في أفغانستان. 
في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي وبالتحديد في عام 1987م حكم عليه بالغرامة وذلك لحيازته المواد المخدّرة وجرحه أحد الشبان بالسكين.  سافر إلى أفغانستان عام 1989م لمحاربة القوات السوفيتية هناك ولكن السوفيات كانوا يغادرون بالفعل في الوقت الذي وصل فيه، وهناك التقى بأسامة بن لادن. عمل هناك كمراسل صحفي لإحدى المجلات المتطرفة،

عاد الزرقاوي عام 1993م إلى الأردن وسجن هناك بتهمة الانتساب إلى تنظيم بيعة الإمام عام 1996م، مكث الزرقاوي فترة 7 سنوات مع المنظر السلفي الجهادي في الأردن عصام البرقاوي المكنى بـ أبي محمد المقدسي استاذه ومرشده، بعد ما حكم عليه والمقدسي بالسجن لمدة 15 سنة . وأطلق سراحه من السجن عام 1999م ضمن عفو ملكي. أخذ الزرقاوي يفكّر بتقسيم العالم إلى عالمين: عالم المسلمين السنّة من ذوي النزعة السلفية، وفي قبالهم عالم الكفار الذي يشمل جميع الفئات والفرق التي تفكّر بخلاف العالم الأول، تتألّف شخصية الزرقاوي من أربعة أجزاء: البداوة التي نشأ وترعرع في أحضانها، وتأثّر بوالدته، والسجن وأبوه الروحي أبو محمد المقدسي.

حجي بكر
اسمه سمير عبد محمد الخليفاوي، وهو عقید سابق في مخابرات القوات الجوية في عهد صدام. سُجن عامين من 2006م حتى 2008، في سجن بوكا وأبو غريب التابعين للولايات المتحدة الأمريكية أثناء احتلالها للعراق، استقر بـ تل رفعت التي كانت مأوى للعائدين من دول الخليج والعناصر الأكثر تشددًا، سافر حجي بکر إلى سوريا في نهايات 2012م، وتؤكّد بعض الوثائق إلى أنه هو من وضع خطةً محكمةً للسيطرة على شمال سورية وأشرف عليها، باستخدام تقنيات، بينها المراقبة والتجسس والقتل والخطف. وأفادت أنباء أن حجي بكر «قتل في معركة مسلحة مع مقاتلين سوريين في كانون الثاني/ینایر 2014م، لكنه كان ساعد قبلها في الاستيلاء على مناطق واسعة من سورية، ما عزز من وضع تنظيم داعش.

قُتل حجي بکر أثناء تبادل لإطلاق النيران بينه وبين المعارضة السورية المسلحة في كانون الثاني/ینایر 2014م بعدما قُسّمت مدينة تل رفعت بفعل المعارك التي اندلعت بين داعش وتنظيمات أخرى إسلامية/ علمانية بعد أن أردت داعش أحد قيادي المعارضة المسلحة وأكثرهم شعبية وصيتًا بين هذه الفصائل. 

أبو بكر البغدادي
هو إبراهيم بن عوّاد بن إبراهيم البدري السامرائي ولد في مدينة سامراء عام 1971م، ينسب البغدادي نفسه إلى عشائر البوبدري،  التي تضم عشائر عديدة منها الحسينية القرشية وبما أنّه يعتقد أهل السنة لزوم انحدار نسب خليفة المسلمين من قريش، بادر البغدادي إلى اختلاق شجرة نسب، يرجع بها نسبه إلى الإمام الهادي (ع) عن طريق جعفر الكذّاب.

نشأ البغدادي في أسرة ذات نزعة سلفية، ودرس الحقوق في الجامعة الإسلامية في بغداد، وحصل منها شهادة الباكالوريوس ثم الإجازة وبعدها الدكتوراه، عمل داعية ومدرساً للدروس الدينية في مدينة سامراء.  وكان جامع أحمد بن حنبل في سامراء يشكّل مركز نشاطاته الدعوية. التحق البغدادي في عام 2004م بالجماعات التكفيرية، وبعد تأسيس شورى المجاهدين في عام 2006م، كان أحد أعضاء الهيئة الشرعية في الشورى، ونظراً لنفوذه وشهرته الواسعة بين أبناء عشيرته في ديالى وسامراء، فقد لعب دوراً مهماً في أخذ البيعة من عشائر تلك المناطق لأبي عمر البغدادي.

اعتقلت القوات الأمريكية أبا بكر البغدداي أواخر العام 2004م، للاشتباه في ضلوعه بـ نشاطات للمسلّحين وسجنه الأميركيون في معسكر بوكا في الصحراء العراقية. أمضى أربع سنوات في سجن بوكا بعد ما تم استجوابه في سجن أبو غريب.
*  للبغدادي كنى متعددة منها الشيخ إبراهيم المعروف بها في الأوساط الجهادية، أو أبو دعاء والدكتور إبراهيم وعواد إبراهيم والشبح والشيخ المخفي (كونه اعتاد أن يضع قناعاً يخفي وجهه عندما يخطب في قادته)  يؤكد إعلام داعش على أن يذكر البغدادي تحت اسم أبو بكر الحسيني القريشي البغدادي، وذلك لاستحضار الحديث النبوي الشريف خلفاء أمتي اثنا عشر، كلهم من قريش.

تشكيل الدولة الإسلامية في العراق والشام
كان أبو بكر البغدادي في سوريا وعاد مطلع عام 2006م إلى العراق حيث اعتقل من قبل الأميركيين لمدة قصيرة، قبل أن يطلق سراحه، وبعد إطلاق سراحه بايع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. 
وبعد خروجه بقليل أخرج الأمريكان من سجن بوكا في العراق ضابطين كبيرين في الجيش العراقي السابق واللذين لعبا دوراً محورياً وأساساً في مستقبل دولة العراق الإسلامية وثبتا البغدادي أميراً عليها، حيث كان رجلاً عادياً غير معروف والضابطان هما، العميد محمد الندى الجبوري الملقّب بـ الراعي والعميد سمير عبد محمد حجي بكر عضو قيادة فرقة حزب البعث والأخير لعب دوراً كبيراً في قرارات دولة الإسلام في العراق حتى دخولها إلى سوريا في نهاية عام 2011م.

بايع أبو مصعب الزرقاوي تنظيم القاعدة بعد ما شعر قيادات الجهاد العراقية تحاصره مالياً وأمنياً وبذلك أدخل في صفوف التوحيد والجهاد بضع مئات من المقاتلين التابعين للقاعدة، بادرت قيادة الجهاد العراقية بتشكيلها دولة الإسلام في العراق لضم جماعة التوحيد والجهاد إليها بدل مواجهتها، بعد مقتل الزرقاوي في تطبيق للإستراتيجية الأميريكية (تحوير مسار النار بدل مواجهتها). 
قام الأمريكان في تلك الفترة بإيجاد الصحوات (التي ينتمي غالبية أفرادها إلى عشائر الأنبار والتي تشكّل العصب الأساس للحرس الجمهوري العراقي والبنية البشرية لنظام صدام حسين) لإخفاء الدولة الإسلامية في العراق وتأمين الأرض لتأمين الإنسحاب الأميركي.

في عام2010/4/19م قتل أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وزير الحرب في الدولة الإسلامية في العراق في غارة جوية أمريكية شُنّت على مواقعهما، ونودي بأبي بكر البغدادي زعيماً جديداً للدولة المذكورة.
 وفي عام 2011م قُتل أسامة بن لادن وأصدر أبو بكر البغدادي رسالة أعلن فيها دعمه لأيمن الظواهري  لكنّه في نفس الوقت لم يبايعه، وأعلن استقلال تشكيلات الدولة الإسلامية في العراق.
  بيد أنّ أبا قتادة الفلسطيني ذكر صراحة مبايعة أبي بكر البغدادي لأيمن الظواهري، وفنّد زعم البغدادي وجماعته في عدم البيعة واصفاً هذا الزعم بأنّه كذب محض، ووصف البغدادي بالمذنب وذلك لنقضه بيعة أمير القاعدة. 



حدود الخلافة
لا تنحصر حدود الدولة الإسلامية في العراق والشام بالدولتين الأخيرتين، بل المقصود من الشام هي سورية والأردن ولبنان وفلسطين المحتلّة وقسم من بلاد الغرب والعراق وصحراء سيناء.
 وقد أختار داعش هذا الاسم متطلّعاً إلى إقامة حدود السلطة في العهد الأموي حينها، أمّا في الواقع فإنّ حدود خلافة داعش والخارطة السياسية التي رسمها هذا التنظيم تمتدّ من غرب بلاد الصين إلى بلاد الأندلس.
 إضافة إلى أنّ هيكلية داعش هي هيكلية عالمية، فبايعتها الجماعات السلفية من أندونيسيا حتى بلاد المغرب العربي.

هيكلية التنظيم
الهيكلية التنظيمية التي تشكّل هذا التنظيم هو قائدٌ واحد ومجلس لشورى القيادة العسكرية. 
ويتألّف الكادر الأصلي لمجلس الشورى العسكري من عراقيين فقط. لأنّ أبي بكر البغدادي لا يأذن لغير العراقيين بالعضوية لهذا المجلس فإنّ عددَ أعضاء هذا المجلس يتكّون من 8 إلى 13 نفراً. ويتبنّى قيادة هذا المجلس ضابطاً سابقاً في الجيش العراقي المنحل باسم حجي بكر.

ولا يحقّ للضباط من الدرجة الثانية فما دون أن يلتقوا بالبغدادي وبكر بل يكتفوا بتسلّمهم أوامر الأمراء عن طريق أعضاء المجلس فقط.

أسباب النمو
الدعم الدولي والأقليمي
عوامل عدّة أدّت إلى نمو داعش وانتشاره الجغرافي، منها:
 دعمه دولياً وإقليمياً.، هشاشة الداخل العراقي ووضعه المضطرب، والطائفية في العراق، وضعف الجيش كقوة رادعة، وعدم سيطرة الحكومة على بعض المناطق في البلاد، ودعم قوى إقليمية ودولية لهذا التنظيم كـ الدعم المالي المقدم من قبل السعودية وطموح قطر لقيادة الدول العربية منافسة في ذلك السعودية ودعم أمريكا بغية تضعيف الدول الإسلامية مقابل الكيان الصهيوني.

 لكن داعش ومثيلاته التكفيريين لم يكونوا يوماً حلفاء على المستوى البعيد والاستراتيجي للقوى الكبرى، بل كانت هذه القوى تساند داعش إذا كان عمله يتماشى ومصالحهم ومنافعهم السياسية.

الاغتيالات
عمل تنظيم داعش على اغتيال القادة التاريخيين وأصحاب التأثير، من السلفية الجهادية في سورية والعراق. من أجل تفتيت أتباعهم وجذبهم كلاً أو جزءاً منهم إلى بيعة البغدادي وتنظيمه وكانت أهم عمليات الاغتيال تلك التي طالت محمد بهايا (الملقب بـ أبو خالد السوري) القيادي في حركة أحرار الشام الذي قتل 24 فبراير/ شباط عام 2014م.
 وأبو خالد كان المكلّف من قبل الظواهري لحل الخلاف بين البغدادي والجولاني وتسريب معلومات عن مكان عبد القادر الصالح قائد لواء التوحيد التابع لجماعة الإخوان المسلمين وأحد مؤسسي جبهة النصرة.  ومشتبه بـ قتل أكثر من 40 قيادي من عناصر حركة أحرار الشام خلال عملية زرع عبوة ناسفة داخل مبنى البحوث العلمية بريف إدلب الشمالي وكان المبنى مقراً لأحد القيادات العسكرية للحركة.

الموارد المالية
طبقاً للمقاطعة المالية المفروضة دولياً على داعش بموجب الفصل السابع التابع لمجلس الأمن،  فيمكن لنا عدّ الموارد المالية لداعش على النحو التالي:

أثرياء السلفية الجهادية كـ أبو محمد العدناني في سورية وجمع التبرّعات من مختلف الدول في العالم كما قام أبو محمّد المقدسي في الأردن بجمع أموال الزكاة لقيادة تنظيم القاعدة. 
استطاع داعش - من خلال الاستيلاء على المناطق النفطية في شمال سورية والعراق، واستخراج النفط وبيعه في السوق السوداء بأسعار رخصية- أن يحصل على ثروات طائلة.
 ومن الموارد المالية الأخرى لداعش بيع المشتقات النفطية والبتركيمياوية وبيع الطاقة الكهربائية من محطات توليد الطاقة في شمال سورية.
سرقة أموال البنوك حيث حصل من البنك المركزي في الموصل لوحده على 420مليون دولار.
فرض الجباية على الأراضي الزراعية الواسعة وكذلك الاستيلاء على أموال الأراضي الإدارية والموقوفات الحكومية.
تقديم الدعم من بلدان الخليج الفارسي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات.


اختطاف الأفراد ومطالبةالفدية لقاء تحريرهم.
انطلاقاً من معتقد داعش بأنّ الآثار التاريخية تعدّ شركاً، قام داعش بتدمير بعض الآثار بالمواد المتفجرة، لكنّ عصابات المافيا المتخصصّة بتهريب الآثار التاريخية استطاعت قيام علاقات مع داعش، وشراء تلك الآثار وبيعها في البلدان الأوروبية والآسيوية.
المساعدات التي قدّمتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الاميريكية، والعربية (السعودية وقطر) وتركية لداعش ضدّ الحكومة السورية، ومن أجل كسر خط المقاومة، ويصل عددها إلى أربعون دولة حتى انقطعت تلك المساعدات بعد ما هددت داعش مصالح هذه الدول.
الانتهاكات
إنّ داعش ارتكب جرائم عديدة بحق المسلمين سّنة وشيعة، وبحق مسيحيين وإيزديين في المناطق التي احتلّها وأحكم سيطرته عليها ومارس القتل بطرق فظيعة، وأجرى القصاص بقطع الأطراف بتهم زائفة وملفّقة.

فمن الجرائم الإنسانية التي ارتكبها داعش يمكن أن نذكر منها؛ حرق الناس وهم أحياء، والإتجار بالأعضاء البشرية، ومذابح طائفية، واستخدام السلاح الكيميائي.
وإباحة ومصادرة الأموال وسرقتها من أصحابها وتهديم الأماكن المقدسة كـ دور العبادة ونبش المقابر وإخراج الأجساد منها، إضافة إلى تدمير عدد من آثار الحضارات العريقة بحجّة أنهّا من مظاهر الشرك. وخطف الأطفال بغية تجنيدهم لأعمال إرهابية بتعليمهم القتل وللتجسس والتبرع بدمهم للمقاتلين وخطف النساء والاتجار بهن لبيعهن في سوق "الخدمات" الجنسية في الشرق الأوسط، للمرأة أو الفتاة الواحدة، وممارسة جهاد النكاح حتى مع المحارم، والتعامل مع جنودهم بلارحمة كمن أخطأ في ميادين القتال بقطع الأطراف أو الإعدام رمياً بالرصاص 

تفنن داعش بالقتل لـ بث الرعب والإرهاب في نفوس الناس فاستخدم أبشع الطرق في القتل وتنفيذ القصاص على ضحاياه فمنها الرمي من أسطح البنايات بتهم كـ المثلية، وقطع رؤوس نساء بالسيف بتهمة السحر،وقتل نحو 300 جندي عراقي باستخدامه أسلحة كيمياوية ،

اعدامات جماعية
إنّ أهم حادثة قتل جماعي ارتكبها داعش هي حادثة الهجوم على القاعدة الجوية المعروفة باسم "مجزرة سبايكر"، والتي راح ضحيتها ما يزيد على 1700 جندي بالجيش العراقي، وكلّهم من المدن الجنوبية في العراق بتهمة الانتماء الى الجيش والتّشيّع. وقتل نحو 500 من أفراد عشيرة البونمر في الأنبار التي وقفت في وجه داعش،

تهديم الأضرحة والمقامات
تهديم الأماكن المقدسة كـ دور العبادة ونبش المقابر وإخراج الأجساد منها، إضافة إلى تدمير عدد من آثار الحضارات العريقة بحجّة أنهّا من مظاهر الشرك، فمن الأماكن التي تم هدمها، مدينة الموصل: 

1-مزار النبي دانيال (ع) ومزار يحيى بن القاسم ومزار النبي يونس (ع) ومسجد ومزار النبي شيث (ع) ومزار عون الدين بن الحسن (ع) ومسجد ونصب النبي جرجيس (ع) وقبر ابن اثير الجزري  ومزار الشيخ فتحي ومزار الشيخ أبو العلاء ومسجد ومزار قضيب البان الموصلي.

2. مدينة تلّعفر: مزار خضر إلياس ، مزار سعد بن عقيل بن ابي طالب، مزار آر محمود أو آرماموط.

3. مدينة المحلبية: نصب الشيخ ابراهيم، مزار الشيخ أحمد الرفاعي، المزار المنسوب إلى السيدة زينب (س) في مدينة سنجار.

وهدم ونبش وتفجير قبور الصحابة والصالحين كـ حجر بن عدي وعمّار بن ياسر وكذلك أويس القرني والشيخ أحمد الرفاعي.



الاعتداء على الكنائس والدير
داعش اعتدى على كنائس وخطف عدد من الراهبات اللاتي يقمن بخدمة الكنائس ودمّر قرية بالكامل لأنهّا تتكلم السريانية لغة المسيح عليه السلام كقرية معلولا، ومن الأماكن التي تم استهدافها بالهاون هو دير صيدنايا بريف دمشق، والكنيسة الإنجيلية العربية في حلب كنيسة القديس كيفورك للأرمن الأرثوذكس بحلب وكنيسة أمّ الزنّار (كنيسة سيدة السلام) بحمص وكنيسة الشهداء في مدينة الرقة السورية وكنيسة مار إلياس بالقصير بحمص.

تدمير المواقع الأثرية
دمّر داعش في سوريا أكثر من 300 موقع أثري،ومعالم أثرية أيضاً أبرزها تدمير تمثال أبي العلاء المعرّي في حلب وتدمير أسد شيريان وتمثال أبو تمام وعثمان الموصلي في مدنية موصل العراق وتمثال هارون الرشيد في الرّقة وقد تكبّد قطاع التراث الثقافيّ والمتاحف التاريخيّة في سورية خسائر بلغت أكثر من مليار دولار وإنّ غالبية هذه المعالم لا يمكن ترميمها وإعادة بنائها.

فتاوى العلماء في داعش
لم يقتصر إجرام داعش على المدنيين والعسكريين فحسب، بل امتدّ ليشمل كثيراً من العلماء السنة الذين قام التنظيم بقتلهم لمجرّد عدم مبايعتهم في المناطق التي قاموا باحتلالها كالموصل شمال العراق، وتمّ إعدام عدداً من علماء الدين رمياً بالرصاص أمام مسجد المدينة (الإسراء) بعد أن رفضوا إعطاء البيعة. 

ممارسات داعش أدت إلى إصدار إدانات ومواقف وبيانات ضده من علماء شيعة وسنة على السواء:

فأصدر المرجع الديني السيد السيستاني 2014/06/10م بعد دخول داعش إلى نينوى بيانا دعا فيه الحكومة العراقية والقيادات السياسية في البلد ضرورة توحيد كلمتها وتعزيز جهودها في سبيل الوقوف بوجه الإرهابيين وتوفير الأمن للمواطنين من شرورهم.
ثم أعلن الجهاد الكفائي لعموم الناس للوقوف بوجه المدّ الداعشي،
وأعلن علماء الأزهر على لسان متحدثها الشيخ أحمد كريمة تحريم وتجريم كلّ الممارسات التي تقوم بها هذه التنظيمات الإرهابية وأعمالها الإجرامية مؤكّداً أنهّا تلقّت تدريباً في أمريكا وبإدارة صهيونية.
وأكّدت جماعة علماء العراق في البصرة على لسان عضوها الشيخ محمّد أمين أنّ العراق يتعرّض لهجمة تكفيرية ضالّة وأنّ أي جهة تنسب ما يحدث في الموصل (على يد داعش) إلى السّنة فهو واهم ولا أحد له الحقّ في أن يتكلّم باسم أهل السّنة.
ووصف رئيس رابطة علماء الشام الشيخ أسامة الرفاعي أمراء داعش بأنّهم لا يخافون الله تبارك وتعالى ويبيحون دماء المسلمين وأنّ استباحة دماء المسلمين توصلهم إلى الكفر، مشدّداً أنّ التنظيم فيه تكفير وتطرّف شديد.
وأكّد المتحدّث الرسمي لدار الإفتاء المصريّة أنّ تنظيم داعش بفكره المتطرّف قد ضلّل الكثير من الشباب الذين غرّر بهم تحت اسم الدّين وتحت اسم الدولة الإسلامية التي يسعى داعش لتأسيسها بينما هي في الحقيقة تشويه للدّين وتدمير البلاد وسفك دمّ العباد.
وكان قد انعقد مؤتمر غروزني في الشيشان في الخامس والعشرين من أغسطس/ آب 2016م الذي وصف الوهابيّة بخوارج العصر، حيث قال إنّه تكرّر عبر التاريخ هبوب أمواج من الفكر المضطرب والمنحرف، الذي يدّعي الانتساب إلى الوحي الشريف، ويتمرّد على المنهج العلميّ الصحيح ويروم تدميره، ويزعزع أمن الناس واستقرارهم.

تحدّيات أيدلوجية
نرى أنّ هناك اختلافات مهمّة على المستوى الأيديولوجي والشخصي بين مؤسسي داعش والقاعدة ورموز السلفية الجهادية منها:

أنّ خلافة داعش لم تستند على أسس الخلافة لدى أهل السنة، فلذلك لم يحظ بقبول معظم علماء أهل السنة، و إن وجد قبولا من قبل بعض الشباب المغرر بهم لانتمائهم لهذا التنظيم لأنهم قد يئسوا من حكّام بلدانهم العربية والإسلامية. وكما يقول أبو قتادة الفلسطيني: ما أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية من إقامة دولة الخلافة الإسلامية إنمّا هو وجه من وجوه الباطل.

ومنها تنصيب البغدادي نفسه خليفة دون الرجوع إلى أهل الحلّ والعقد، حيث يعدّ أهل الحل والعقد إحدى أهم العناصر الأساسية لإقامة الخلافة الإسلامية لدى أهل السنة، ولهذا السبب دعى المنافسين التكفيريين لداعش لنقد الأخير وبُعده عن الاعتقاد المذكور بل إلى شتمه والتشهير به.

ومما اختلف عليه جمهور السنة على شخص البغدادي لإعلانه خليفة للمسلمين وكما جاءت في الكتب الكلامية لأهل السنة هو لزوم رجوع نسب الخليفة إلى قريش وعلى هذا ادّعى البغدادي أنّه قرشي، فواجهت دعواه مخالفات عدّة نافية نسبه إلى قريش.
إضافة إلى أنّ معتقد أهل السنة لاستلام الخلافة هو البيعة للخليفة وهي من أهمّ مرتكزات تحقيق الخلافة والتي يؤكد مخالفي خلافة البغدادي أنها تفتقد لهذا المرتكز المهمّ.
أصدر اتحاد علماء المسلمين بياناً ينفي فيه إجماع المسلمين وتأييد الأمة لهذه الخلافة.كما وأصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بياناً تقدم فيه بعض الأدلة على بطلان هذه البيعة وعدم رسمية مثل هذا الحكومة.
وأيضاً من مآخذ السلفية الجهادية على داعش هي أن لا تكون على عاتق الخليفة بيعة لآخر، في حين أنّ البغدادي قد بايع ملاّ عمر قائد القاعدة من قبل.
وفي رسالة للزرقاوي يوجه خلَفَ أسامة بن لادن، أيمن الظواهري انتقاده للزرقاوي لأن جعل أولويته في القتال العدو القريب وهم الشيعة بدلاً عن العدو البعيد وهم الأمريكان لما يشغل المجاهدين عن مقاتلة الأخير (أي الأمريكان)، إضافة إلى تعرّض جماهير المسلمين للخطر للسّلوكيات العنيفة التي قام بها الزرقاوي وفقدان تعاطف المسلمين وإشراكهم في الحكم، وأنّ الأخير بحاجة إلى العمل السياسي المباشر بمقدار حاجته للعمل العسكري.
وتوجيه أبو محمد المقدسي نصيحة للزرقاوي قائلاً أن التفجيرات الانتحارية في العراق أدّت إلى مقتل الكثير من العراقيين والشيعة والذي ساوى المقدسي في مقابلته بين عوام الشيعة وأهل السنة مبيّناً عدم جواز قتلهم. 

ولمّا احتلّ داعش محافظة نينوى العراقية وسقطت بعدها مدن وقرى أخرى أصدر المرجع السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي في الـ 13 حزيران 2014م وتشكّل حينها الحشد الشعبي مما جعل حدّاً لتوسّع ومدّ التنظيم.

التبعات
بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية أو داعش وارتكابها جرائم بحق الإنسانية مخالفة للقوانين الدولية والشرعية والأعراف العامة تبعتها أمور عدّة نذكر منها: تشويه صورة الإسلام وإذكاء الفتنة بين الأمة الإسلامية الواحدة وإشعال فتيل الحرب فيها وخلق شرخ بينها وتحريف الصحوة الإسلامية في المنطقة عن مسارها الصحيح وإثارة ردود الفعل لدى دول محور المقاومة وضمان أمن الكيان الصهيوني، وترسيخ مبدئ الاستقلال في الاجتهاد وانتشار الطائفية،

إضافة إلى إنكار أساسيات المذاهب الأربعة لأهل السنة والشيعة الإمامية أيضاً، وإضعاف وتحجيم جبهة المقاومة مقابل الكيان الصهيوني، وقضم القوى الإسلامية في العالم الإسلامي مع استراتيجية حرب المذاهب والقوميات، وإشعال فتيل حربٍ انتدابية بين المسلمين وعدم تدخل القوى الغربية بشكل مباشرٍ فيها، وإغفال الأمّة الإسلامية عن تطلّعاتها، ونسيان أحقية القضية الفلسطينية، وإغلاق الطرق المؤدّية إلى التقريب بين المسلمين، واستلاب الأمن عن العالم الإسلامي وإشاعة الكراهية للإسلام أو إسلامو فوبيا.

إعلان القضاء على داعش
وقد تمّ الإعلان عن انتهاء دولة الخلافة الإسلامية داعش بشكل رسميّ على لسان اللواء سليماني في صبيحة يوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 م، خلال رسالة وجّهها الى السيد الخامنئي قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكانت "البوكمال" -المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق- هي المأوى الأخير، حيث لحقت تنظيم داعش ضربات قاضية من قبل القوات السورية بمعونة القوات الشعبية وباستشارات ميدانية من اللواء قاسم سليماني.


0 comments: