آخر الأخبار

12‏/3‏/2013

تحويل أية غرفة إلى كاميرا ابتكار مفيد لعالم الجريمة

«قرّب الصورة، حسِّنها هنا قليلاً، عالِج هذه المنطقة. حسنا، هذا هو وجه المتهم!».


الذين يشاهدون حلقات المسلسل البوليسي CSI يعرفون بالطبع هذه المشاهد، حين يقوم رجل يجلس أمام الكمبيوتر بتحسين الصور شديدة التشوّش حتى يظهر وجه المتهم واضحا جليّا، وهي مشاهد مثيرة للغيظ في الحقيقة، لأن هذا غير ممكن فعليا. لكن التكنولوجيا تعدنا دائما بتحويل غير الممكن إلى ممكن! ويصبح هذا غير الممكن ممكنا إذا نظرنا إلى مسرح الجريمة، أو أية غرفة عموما، على أنها كاميرا بدائية ذات حجرة مظلمة، مثل الكاميرات البدائيّة القديمة التي كانت تستخدم في القرن التاسع عشر وما قبله. عندما يأتي الضوء عبر نافذة الغرفة فإنه يخلق ظلالا تنعكس على الجدار المقابل، هذه الظلال في الحقيقة هي صور للعالم خارج النافذة، حيث تقوم النافذة هنا مقام فتحة عدسة الكاميرا، لكنها هنا عدسة رديئة لأنها تأتي بصور مشوّشة. الضوء القادم من النافذة أيضا يكون شديد التشتُّت بحيث لا تصبح الصور قابلة للرؤية. «أنطونيو تورالبا» و«وليم فريمان» هما عالما كمبيوتر من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، وقد ابتكرا طريقة لتحسين جودة الصور التي تنعكس على الحائط بدرجة كبيرة جدًا، بحيث يمكن استخلاص أشياء مفهومة منها. ولنفهم الأمر يجب أولا أن نفهم كيف تعمل الكاميرا في أبسط صورها: تتكوّن الكاميرا من حجرة مظلمة لها ثقب ضيق لا يسمح سوى بعدد محدود من أشعة الضوء بالمرور، وتؤدي الأشعة المارة إلى تكوين صورة مقلوبة على الجانب المقابل للثقب، وتعتمد جودة الصورة على الحجم النسبيّ لكل من الحجرة والثقب. الثقب الكبير – مثله مثل النافذة الكبيرة – يؤدي إلى دخول الكثير من الضوء مما يؤدي إلى تضَبُّب الصورة بسبب تراكب أشعة الضوء فوق بعضها البعض، وكلما صغرت فتحة الثقب/ النافذة قلما قلّت فرصة حدوث التراكب، وبالتالي كانت الصورة أوضح. التقنيّة المُبتَكَرة الجديدة، والتي تصلح لأية غرفة عادية، تعتمد على وجود صورتين – سواء كانتا ثابتتين أو متحركتين (فيديو) – بشرط أن تحتوي إحداهما على عنصر إضافي أمام النافذة يحجب بعضا من الضوء. تعتمد التقنية على برنامج كمبيوتر مطوَّر يقوم بطرح شدة الضوء من إحدى الصورتين، اعتمادًا على قيامه بالتعرف على أية أشعة ضوء قد تم حجبها بواسطة العنصر الإضافي الموجود في إحدى الصورتين، وعندما يستطيع النظام – بطريقة حسابية - أن يفرق بين الأشعة التي تم حجبها والأشعة الأخرى، فإنه يستطيع أن يتظاهر بأن هذه الأشعة المحجوبة هي الأشعة التي نفذت من ثقب الكاميرا الافتراضية، وبالتالي فالصورة ستكون واضحة بعد التخلص من تراكب أشعة الضوء الذي كان موجودا. بهذه التقنية يمكن التوصل إلى شكل العالم خلف النافذة في وقت ما، وما إذا مر شخص ما – أو سيارة – من أمام النافذة في وقت معين. هذه التقنية الجديدة ستكون مفيدة جدًا في مجالات الطب الشرعي، وهي أفضل كثيرًا مما نراه على شاشة مسلسل CSI، وعندها لن تصبح تلك المشاهد التي يقوم فيها الرجل الذي يجلس أمام الكمبيوتر بتحسين الصورة مثيرة للغيظ!.


د. ميشيل حنا



Bookmark and Share

0 comments: