ما عاد خافياً على احد ان اوساطا عربية عديدة تعتبر ان قطر قامت باختطاف لإرادة الجامعة العربية ، فمنذ قرابة عامين، وبالتحديد منذ ان سحبت قطر مرشحها لأمانة الجامعة لصالح الدكتور نبيل العربي عاشت جامعة الدول العربية وضعا غير طبيعي جعل صغار القوم فيها يتحكمون بالكبار على كل المستويات وفي كل المجالات ، وضع غريب شبهته صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها بتاريخ 5 آذار عام 2012 كما لو أن فرنسا وألمانيا أصيبتا بالوهن ما جعل سلوفينيا تتحكم بدول الاتحاد الأوروبي.. في كواليس جامعة الدول العربية واجتماعاتها تحكم قطري بلا حدود، تقول مصادر غربية موثوقة، ان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني يقوم بدور الامانة العامة، اذ يوفر عليها معاناة اعداد البيانات والتوصيات ويكتبها في الكواليس نيابة عنها ونيابة عن مجلس الجامعة الذي يضم 21 دولة بعد استبعاد سوريا عن عضويتها بدفع قطري سعودي .. وقبيل اي اجتماع لمجلس الجامعة تعد العدة بين الخليجيين والامانة العامة لكي تقبل بعد تعديلات طفيفة مقترحات وقرارات قطر واخواتها الخليجيات . فمشروع اي قرار تؤيده الدول الخليجية الست وتصوت لتبنيه في الحال الدولتان المرشحتان لعضوية مجلس التعاون وهما الاردن والمغرب ويجري في الحال اكتساب تأييد الدول الفقيرة الثلاث الصومال وجيبوتي وجزر القمر، عندها يحصل مشروع القرار على اغلبية 11 دولة من 21 ، وهكذا تهلل الامانة العامة التي نفذت بكثير من المهنية ما ارادته قطر واخواتها. المصادر الموثوقة تقول ان حمد بن جاسم يصيغ البيانات الختامية لمجلس الجامعة قبل انعقاده، ويأتي حاملا نسخة من البيان حول الموضوع المفترض نقاشه، وقبل كل جلسة يجتمع وزراء خارجية دول التعاون الخليجي في غرفة تسمى في مجلس الجامعة (خلوة) حيث يعرض عليهم بن جاسم البيان ويتم المصادقة عليه ، ومن ثم يتم ابلاغ المغرب والأردن اللذين لا يخالفان الأمر الخليجي، فيصبح عدد الموافقين ثمانية (6 دول التعاون) وبعد هذا يأتي دور الدول الفقيرة (الصومال، جيبوتي، جزر القمر) فيصبح عدد الدول الموافقة (11 دولة) من أصل (21) دولة هي عدد دول الجامعة بسبب طرد سوريا ما يؤمن الأغلبية للبيان حتى قبل مناقشة الموضوع في المجلس. وتشرح المصادر بعضا من الضغوط التي يمارسها حمد بن جاسم وسعود الفيصل عند التصويت على اي موضوع فتقول: يبدأ الوزير القطري والوزير السعودي بالنظر بحدة الى مندوبي الدول الخمسة التي تؤمن عادة الأغلبية لهم، لحظة التصويت ، وفي بعض الحالات يرسل السعودي المندوب البحريني إن كان وزير الخارجية او السفير المعتمد ليدور على مندوبي الدول المعنية (موشوشا) في أذن كل واحد منهم في عملية رشوة للمندوب او للدولة خصوصا الدول الثلاث الفقيرة. وتعطي المصادر الغربية الموثوقة خريطة تفصيلية لتوزيع التحالفات ومراكز القوى داخل مجلس الجامعة فتقول أن هناك ثلاثة مراكز قوى هي التالية: أ - دول مجلس التعاون الخليجي زائد الأردن والمغرب وفلسطين ب - الدول الفقيرة وهي ( الصومال، جيبوتي، جزر القمر) ج - بقية الدول وتبقى مصر الغائبة الكبرى عن أي نفوذ وتحرك داخل الجامعة، وسوريا التي تم طردها من مجلس الجامعة العربية العام الماضي. المصادر الغربية تقول حول مراكز القوى هذه ان دول مجلس التعاون متفقة في كل عمليات التصويت، بينما تجتمع دول الفئة الثالثة قبل كل عملية تصويت ويتم الاتفاق على موقف موحد، وعند التصويت تأتي نظرات حمد وسعود الفيصل المهددة لمندوبي بعض الدول ما ينسف الاتفاق المسبق فتجر غالبية الدول خلف الموقف القطري والخليجي بينما يستمر لبنان في سياسة النأي عن النفس التي تصب دائما في مصلحة الموقف الخليجي على أقله من الناحية المعنوية.. وفي بعض تفاصيل ما يدور من مشادات كلامية عنيفة تروي المصادر كيف أن مسؤولا في وزارة الخارجية لدولة في المغرب العربي شتم بطريقة عنيفة المندوب الدائم لدولته في الجامعة متهما إياه بالخيانة على خلفية بعض المواقف بالموضوع السوري ، كما تروي أيضا قصة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي حضر اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية كيف وجه إهانات من العيار الثقيل لسعود الفيصل وحمد بن جاسم ، على خلفية موقفهما من سوريا. موقف لبنان ساهم في طرد سوريا من مجلس الجامعة.. المصادر الغربية الموثوقة تقول ان الموقف اللبناني الغريب في ما يمكن تسميته (فرمان) النأي بالنفس في كل ما يتعلق بالوضع السوري ساهم في تأمين الغالبية التي مكنت قطر والسعودية من الوصول لطرد سوريا من مجلس الجامعة، وقالت المصادر أن هناك دولا ( اليمن، السودان، تونس، موريتانيا، المغرب) ما كانت لتوافق على قرار الطرد لو ان لبنان اتخذ موقف الدول التي عارضت طرد سوريا، وتنقل المصادر ان بعض الدول حاولت إقناع لبنان بالتخلي عن سياسة النأي بالنفس هذه على اقله في موضوع طرد سوريا لكن دون جدوى تذكر. المنار
0 comments: