لعبة العمر : الخليجيّون يعرضون عقاراتهم للبيع
الخليجيّون يعرضون عقاراتهم للبيع الملكيّات تربح 10 أضعاف رأس المال والقرار خلفيّاته سياسيّة قبل أكثر من سنة، انتظم الخليجيون الذين يملكون عقارات في لبنان ضمن عملية انسحاب واسعة دفعت القسم الأكبر منهم إلى عرض أملاكهم للبيع. هو انسحاب بلا أفق وبلا خطّة بقيادة الملاكين من الجنسية السعودية والقطرية... وبعض السفارات تدعو رعاياها إلى التوقف عن دفع أقساط أولادهم المدرسية محمد وهبة يلاحظ السماسرة العقاريون أن الخليجيين، ملاكي العقارات في لبنان، سواء كانوا تجار عقارات ومضاربين أو سياحاً دائمين، انخرطوا منذ حوالى سنة في مقاطعة لبنان. فرغم أن القطاع العقاري يشهد ركوداً وانكماشاً قوياً منذ أشهر إلى اليوم يمنع إتمام صفقات البيع بالأسعار القصوى، لم يتوقفوا عن عرض القصور والأراضي والشقق المملوكة منهم للبيع. يروي موظفو بيت التمويل العربي أن المصرف موّل، لأحد الرعايا القطريين، إنشاء قصر في برمانا انتهى بناؤه خلال مطلع عام 2011 بكلفة ملايين الدولارات، «وكان شايفو صاحبو ومش مصدق». لكنّ الموظفين أنفسهم فوجئوا حين أجرى صاحب الملكية الشيخ القطري اتصالاً هاتفياً بالمدير العام للمصرف طالباً منه عرض القصر للبيع بأي سعر، حتى لو بنصف الثمن... وهكذا كان. وعندما سئل عن السبب أجاب بأن هذا القرار اتخذ بناءً على تعليمات القيادة القطرية التي أوعزت إلى جميع أصحاب الأملاك في لبنان بالقيام بذلك. القيادة السعودية كانت متحفظة أكثر في طريقة «اللعب». لم تكشف عن وجود إيعاز مباشر بهذا الأمر، ولم يتهافت رعاياها «دفعة واحدة» على عرض قصورهم وأراضيهم للبيع. بديبلوماسية كتومة بدأ الأمر تدريجاً يطفو على السطح. في البدء توقف السعوديين عن زيارة لبنان، ثم بدأت المقاطعة الاقتصادية للمؤتمرات، وتوقف رجال الأعمال الكبار عن زيارة لبنان، أما الأمراء وكبار القوم السعوديون فقد كانوا أصلاً متوقفين عن زيارة لبنان منذ أكثر من سنتين، أي منذ ما قبل اندلاع الأحداث السورية... لكن ما كان لافتاً أن يبدأ السعوديون من «الفئة الثقيلة» بعرض أملاكهم والعقارات للبيع. ففي الفترة الأخيرة، رصدت شركات لديها علاقات خليجية قوية، أن مجموعة بن محفوض تملك «محفظة» واسعة من الأراضي في مختلف أنحاء لبنان، وأبرزها في منطقة وسط بيروت، وهي على استعداد لبيع كل ما يحقق لها أرباحاً... أيضاً تملك مجموعة بن لادن «سلّة» من الأراضي في منطقة المتن تصل مساحات بعضها إلى 7000 متر مربع، وهي تعرضها للبيع. وقد وضع خبراء مطّلعون عملية بيع «موفنبيك» إلى وسام عاشور وصالح عاصي بمبلغ 123 مليون دولار خارج إطار الخروج السعودي السياسي، «لأن أوضاع الوليد بن طلال المالية صعبة جداً وعليه التزامات كبيرة، فيما الفندق يخسر سنوياً والصفقة تمت على أساس مذكرة تفاهم انتقلت بموجبها الديون إلى عاتق عاشور وعاصي» يقول أحد المتابعين. لكن ما جرى قبل أسبوعين، وفق المعطيات المتداولة بين السعوديين المقيمين في لبنان، أنهم تلقّوا اتصالات هاتفية من السفارة السعودية في لبنان تطلب منهم التوقف عن سداد أقساط أولادهم في لبنان وضرورة انتقالهم الفوري إلى السعودية. هذه ليست نماذج عادية من خليجيين متوسّطي الحال يعرضون عقاراتهم للبيع، فهؤلاء هم «نبذة» من كبار التجّار الخليجيين الذين عملوا طيلة السنوات الماضية على المضاربة بالعقارات اللبنانية ورفع الأسعار إلى حدود جنونية... فالأسعار تضاعفت أكثر من 3 مرات بين مطلع 2007 ونهاية 2011. بعد هذا التاريخ بدأ الجمود والانكماش يضربان القطاع العقاري إلى درجة أن أحد أكبر تجّار العقارات في الضاحية الجنوبية لم يبع أي شقة منذ 8 أشهر، فيما عرض تاجر العقارات الأشهر في منطقة بئر حسن شققاً فخمة للبيع بأسعار أقل بحوالى 40% من الأسعار السابقة، أما أحد كبار التجار في منطقة بيروت فلديه مبان فارغة منجزة منذ أشهر... غير أن الخليجيين واجهوا هذا الانكماش من دون أن يتأثّر أيّ منهم. ففي نهاية عام 2010 بدأوا ينسحبون من السوق محققين أرباحاً خيالية من بيع العقارات، وعمدوا إلى بيع ما كانوا قد اشتروه بهدف المضاربة بعدما تضاعفت الأسعار حوالى 3 مرات وفي بعض المناطق تضاعفت 10 مرّات على ما يقول سماسرة عقاريون، أي إن المضاربين حققوا أهدافهم فارتفعت الأسعار وربحوا مبالغ طائلة، إذ إن استثمار 100 ألف دولار قد يعطي مردوداً يبلغ مليون دولار! ويشير بعض السماسرة العتق في السوق إلى أن المضاربين الخليجيين كانوا يرون في ذلك الوقت أن الأسعار في لبنان بلغت ذروتها، وأنه لم يعد هناك طائل من البقاء في هذه السوق، بل كان يعتقد بعضهم أن بيع الملكية هو سبق لتحقيق الأرباح قبل أن تنكشف حيلتهم. وبالتالي، فإن عرض الملكيات في السوق للبيع في ذلك التوقيت لم تكن له أي خلفية سياسية كما يحصل اليوم. ففي مطلع عام 2011 بدأ المضاربون العقاريون الخليجيّون بالانسحاب من السوق العقارية بخلفية مختلفة. ففي ذلك الوقت، اندلعت الأزمة في سوريا بين النظام ومختلف أطياف المعارضة، لتتحول المواجهات بينهم إلى صدامات عسكرية متواصلة إلى اليوم. وحوّلت سفارات الدول الخليجية مقارها إلى مراكز عمليات للانسحاب من لبنان بهدف الضغط على الحكومة لاتخاذ مواقف حادة تجاه النظام السوري. ويلاحظ أحد المهندسين المتابعين أن مباني وشققاً وأراضي خليجية بدأت تعرض للبيع اليوم، علماً بأن القطاع العقاري يشهد ركوداً قوياً يمنع إنجاز مثل هذه الصفقات. واللافت أن أسعار الأراضي لم تنخفض كما كان متوقعاً، «لا بل إن الخليجيين مصرّون على أسعارهم وجشعهم، رغم أنه ليس هناك طلب من الزبائن على هذه العقارات». ولذلك، يسأل المهندس: «ما هي خطّة الخليجيين للخروج من لبنان؟ وكيف سيعودون يوماً ما؟ وبأي كلفة؟ علماً بأن غالبية الملاكين الجدد للعقارات الخليجية هم من أثرياء أفريقيا الذين لديهم حلم الملكية على الواجهة البحرية لبيروت وفي وسط بيروت».
0 comments: