الماء الاقتصادي لإسرائيل مصطلح يؤكد مصلحة هذا الكيان مما يحدث في سورية دام برس – متابعة بهاء نصار خير كل يوم يتأكد لدى المُتابع للأحداث الجارية في سورية مدى التورط الإسرائيلي في الأزمة السورية. وأن الأهداف من كل ما يحصل أبعد مما يتوقعه الآخرون. فمنذ البداية كثُر الحديث عن أن موضوع الغاز الموجود في البحر المتوسط هو سبب لدفع الأمور في سورية لتصل إلى ما عليه الآن, في رسالة للمصلحة الإسرائيلية من كل هذا. وبناء على هذا وتعزيزاً لكل الأمور قامت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية نشرت في التاسع عشر من الشهر الجاري مقالة بقلم رؤوبين بدهتسور، نقل فيها عن مصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب أنه سَيُعرض قريباً على حكومة نتنياهو خطة لتدعيم قدرات البحرية الإسرائيلية، بشراء أربع سفن عسكرية جديدة، ستكون مهمتها حماية طوافات البحث عن الغاز في البحر واستخراجه، خارج المياه الإقليمية الإسرائيلية لمسافة تمتد 150كيلومتراً في مياه البحر المتوسط. وستبلغ كلفة التسلح بها ما يقارب 3 مليار شيكل (750 مليون دولار)، وستكون كلفة استعمال منظومة الدفاع نحواً من 480 مليون شيكل (120 مليون دولار) كل سنة، تخطط الحكومة الإسرائيلية لتوفيرها من الأرباح الضخمة للشركات المستخرجة للغاز. وأكد الكاتب أن توسيع نطاق عمل البحرية الإسرائيلية هو تطوير لنظرية قتالية، أملاها اختلاق حكومة نتنياهو لنظرية توسعية في البحر أطلقت عليها اسم "الماء الاقتصادي لإسرائيل"، على أثر نجاح إسرائيل في التنقيب عن الغاز في حقل "تمار" المتداخل مع المياه الإقليمية للبنان، قبالة مدينة صور، وحقل "لفيتان" العملاق للغاز، في جبل إراتوستينس، 235 كيلومتراً من حيفا، و180 كيلومتراً من ميناء ليماسول القبرصي، ويبلغ احتياطيه 16 تريليون قدم مكعبة. وتتوقع إسرائيل رسمياً بأن أرباحها المتوقعة في العقود الثلاثة التالية من التنقيب عن الغاز ستبلغ نحو 700 مليار شيكل، أي ما يقارب 175 مليار دولار أميركي. وفي تقديرات سابقة أعلنت إسرائيل وقبرص عن اكتشاف مخزون غاز طبيعي تعدت قيمته 240 مليار دولار، ولا يساوي هذا سوى كمية قليلة بالقياس إلى توقعات الخبراء الجيولوجيين. ويشار إلى أنه في عام 2004، أعلنت شركة "شل- مصر" اكتشاف احتياط للغاز الطبيعي في بئرين على عمق كبير في شمال شرقي البحر الأبيض المتوسط. وأوضحت الشركة أنها في صدد مواصلة عملها لمدة 4 سنوات، بهدف تحويل المشاريع المكتشفة إلى حقول منتجة. وفي كانون الثاني (يناير) 2011، أعلنت قبرص عن اكتشاف أحد أكبر احتياطيات الغاز عالمياً، إذ تقدر مبدئياً بقرابة 27 تريليون قدم مكعبة، بقيمة 120 مليار دولار في ما يسمى «بلوك-12» من امتيازات التنقيب القبرصية، والمعطاة لشركة "نوبل إنرجي". ويشبه خبراء اقتصاديون وجيولوجيون المرحلة القادمة، التي ستشهدها منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، بالثورة النفطية التي شهدها الخليج العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وما تشهده البرازيل حالياً من طفرة اقتصادية، لاسيما مع الثورة التكنولوجية في الحفر بأعماق البحار. ومن المعلومات المتوافرة، تتحسب إسرائيل من تحديات أمنية تواجه مشروعها، حيث تقع طوافات التنقيب والاستخراج على مسافات بعيدة داخل البحر، والتقدير هو: "إن مس جهة معادية بالطوافة لن يسبب أضراراً مالية كبيرة فحسب (كلفة الطوافة نحو من 3 مليارات شيكل وكلفة يوم التنقيب نحو من 3 ملايين شيكل)، بل سيتسبب أيضاً بترك الشركات لمشروعات التنقيب عن الغاز والإضرار بعقود تصديره. وتتوخى خطة عسكرية إسرائيلية بدأ العمل عليها عام 2010 مواجهة تحدي صواريخ (حزب الله) اللبناني، والقوة الصاروخية السورية المتطورة التي تشمل صواريخ من طراز (ياخنوت) يبلغ مداها 300 كيلو متر وتمتاز بدقة إصابتها. وتصنف الخطة التهديدين اللبناني والسوري باعتبارهما تهديدين تقليديين، يضاف إليهما تهديد تركي ناشئ ويعدُّ الأخطر، ليس في مواجهة إسرائيل فقط بل في مواجهة قبرص ومن خلفها اليونان أيضاً، فضلاً عن احتمال تهديد مصري مستقبلاً، لامتداد "لفيتان" إلى المياه الإقليمية المصرية. ويثور خلاف منذ سنوات بين لبنان وإسرائيل بخصوص نطاق الحدود البحرية للطرفين، إذا تطالب إسرائيل، خلافاً للقانون الدولي، بترسيم الحدود البحرية مع لبنان في شكل عمودي، بحيث تكون عمودية على الميل العام للخط الساحلي اللبناني (وهي النقطة 1 في ترسيم الحدود اللبنانية القبرصية)، بينما يطالب لبنان بتطبيق القانون الدولي، الذي يستقر الرأي فيه على رأيين، تطبيق الرأي الأول: الحدود البحرية ترسم خطاً متعامداً على الخط الساحلي عند رأس الناقورة (النقطة 23 في ترسيم الحدود اللبنانية- القبرصية)، وتطبيق الرأي الثاني: الحدود البحرية تكون امتداداً للحدود البرية، ما يضاعف مساحة النزاع. وزير البنى التحتية في حكومة نتنياهو عوزي لنداو هدّد باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن مخزون الغاز الطبيعي في البحر، وزعم في مقابلة مع وكالة الأنباء "بلومبرغ" أنه ليس للبنان أية حصة في حقول الغاز التي اكتشفت قبالة السواحل اللبنانية في رأس الناقورة، والتي تقدر قيمتها بأربعين مليار دولار. وأدعى لنداو أن الترخيص للتنقيب عن الغاز تقع في المياه الإقليمية الإسرائيلية، وأن إسرائيل تجري اتصالات مع قبرص، مشيراً إلى أن لا خلاف بين الدولتين حول أعمال التنقيب. لكن صحيفة (هآرتس) أوضحت أن جزءاً كبيراً من مخزون الغاز البحري يقع في المياه الإقليمية القبرصية، وكشفت عن خلاف قبرصي – إسرائيلي حول الحدود البحرية بين الدولتين، مازال رغم ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين. تركيا احتجت بقوة على عمليات التنقيب القبرصية والإسرائيلية، وأرسلت سفناً مخصصة للبحث عن مصادر الغاز والطاقة في المياه قبالة سواحل الجزء التركي من قبرص، ورداً على تحليق طائرات حربية إسرائيلية سفن التنقيب التركية في أيلول (سبتمبر) 2011، أرسلت تركيا عدداً من البوارج الحربية قامت بقصف الشريط الضيق بين حقلي "أفروديت" القبرصي و"لفيتان" الإسرائيلي، وأعلنت تركيا أنها لا تعترف إلا بعشرة كيلومترات فقط كعمق للمياه الإقليمية القبرصية. ومن المتوقع أن تعيد الحكومتان اللبنانية والمصرية النظر في اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، رداً على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قبرص وإسرائيل، التي تفصل بين حدود مصر وقبرص، وتوسع المياه الإقليمية القبرصية والإسرائيلية إلى عمق 200 كيلو متر. وهكذا، إن الوقائع السابقة تؤكد أن فتيل الصراع على ثروات شرق البحر الأبيض المتوسط بات قوسين أو أدنى من الاشتعال، عنوانه "الماء الاقتصادي لإسرائيل"، وسيجذب إلى جانب الأطراف الإقليمية المعنية أطرافاً دولية ذات مطامع تاريخية في المنطقة، ربما ستتضح صورته في المدى المنظور. المصدر: وكالة أنباء موسكو
آخر الأخبار
0 comments: