آخر الأخبار

3‏/11‏/2011

عمر الشريف ..عندما يغلب الطبع التطبّع

اثارت الصفعة التي وجهها الممثل المصري عمر الشريف الى وجه احدى الاعلاميات المعجبات به على هامش مهرجان الدوحة السينمائي بعد ان طلبت منه التقاط صورة معه ، العديد من التساؤلات حول قضية الاعجاب بالممثلين والممثلات من قبل شريحة المراهقين والشباب ، وكذلك حول الشخصية الحقيقية لبعض الممثلين والممثلات بعيدا عن الكاميرا والهالة التي تصنعها حولهم الشركات المتخصصة بتسويق مثل هؤلاء.
عمر الشريف الذي رسمت له الكاميرا على مدى عقود صورة الشاب الوسيم والرومانسي وفارس احلام الفتيات ، كثيرا ماكان يمزق هذه الصورة بأفعال واحاديث اعتادت الصحافة عليها ، رغم الجهد الذي كان يبذله ليخفي طبيعته الحقيقية.
فعلة عمرالشريف على هامش مهرجان الدوحة كانت فضيحة بمعنى الكلمة ، مهما حاول هو او اولئك الذين يريدون الحفاظ على ماتبقى من الالوان الوردية لصورته التي تم تسويقها لعقود للجمهور العربي ، متذرعا ومتذرعين بضغط العمل وعدم تفهم الفتاة المعجبة لظروفه ، او أن الرجل كبر وشاخ ، للتغطية على الفضيحة ، عسى ان يغفر الجمهور له فعلته.
شهرة الفنانين من نتاج المعجبين
المعروف ان الجمهور العربي هو من اذكى الجماهير في معرفة حقيقة الفنانين رغم كل الهالة التي تصنع من حولهم ، ويكفي تعامل الجمهور المصري على سبيل المثال ، مع بعض الفنانين الذين وقفوا موقفا سلبيا من ثورة الشعب المصري ، دليلا على وعي وادراك وفطنة هذا الجمهور، الذي انزل هؤلاء الفنانين من عليائهم واعادهم الى حجمهم الحقيقي.
ان الجمهور العربي لا ينسى تلك الدموع التي حاولت الفتاة المعجبة حبسها بصعوبة ، بعد ان ضربها عمر الشريف واهانها ووبّخها امام الجميع وامام عدسات الكاميرا ، فشهرة عمر الشريف وباقي الممثلين والممثلات مدينة لهذه العيون وغيرها من عيون الشباب العربي ، فلا قيمة لاي فنان مهما علا شأنه بدون هذه العيون التي ترى وتتابع مسيرة الفنانين وتمنحها الشهرة ، وهي ذات العيون التي تنزل الفنان من عليائه الى القاع اذا ما صغر او أتى ما هو شاذ من القول او الفعل.
عندما يغلب الطبع التطبّع
من السهل جدا اثبات ان فعلة عمر الشريف الشنيعة ليست من نتاج الشيخوخة كما قيل ، فالشيخوخة عادة ما تمنح الانسان وقارا وجلالا ، لا صلفا واستهتارا ، لاسيما ان الرجل في تمام قواه العقلية ويدعى ان بامكانه التمثيل في اي عرض يقدم له , فتلك الفعلة كشفت وبشكل لا لبس فيه حقيقة شخصية عمر الشريف وامثاله ، فالذي لايتورع عن اتيان مثل هذه الافعال المنافية للاخلاق العربية والاسلامية والانسانية امام الكاميرات وامام مرأى ومسمع العالم كله ، ترى كيف هي افعاله وسلوكياته بعيدا عن الكاميرا وفي اطار حياته الشخصية ؟! .
ان طبع عمر الشريف كثيرا ما غلب على تطبّعه ، فكانت طبيعة استعلائية فارغة وبدائية متخلفة مقرونة بغرور اجوف خال من كل قيمة انسانية حتى في حدودها الدنيا . فالرجل وقع فريسة التناقض بين شهرة صنعتها له ابواق الدعاية لاهداف نفعية وبين حقيقة طبع دونية جبل عليها فعجزت عن احتواء هذه الشهرة ، فخرجت عن عقالها على شكل نوبات لايمكن وصفها الا بالهستيريا .
حقيقة شهرة عمر الشريف العالمية
لم تهتم الجهات الدعائية في الغرب بممثل عربي وشرقي كما اهتمت بالممثل المصري عمر الشريف ، حيث جعلت منه سفير العرب في هوليوود وفي السينما الغربية ، وبسببها طبقت شهرته الآفاق ِ ، الى الحد الذي كانت اخباره ، وخاصة علاقاته المتعددة مع اجمل ممثلات هوليوود والغرب ، تغطي مساحات كبيرة من الاعلام الغربي ، فقد حول هذا الاعلام الرجل الى زير نساء ، وهي صفة تبدو محمودة في المجتمعات الغربية!!.
هذه الشهرة نزلت على عمر الشريف بعد جاء المخرج المعروف دافيد لين الى مصر لاختيار ممثل عربي لفيلمه لورانس العرب ، وكان الممثل رشدي اباظة على رأس هذه القائمة ، الا ان الاخير رفض العرض بسبب تناول الفيلم للعرب بشكل غير لائق ، لكن عمر الشريف قبل العرض وشارك في تمثيل الفيلم الذي اخرج عام 1962 , وكان بمثابة قاعدته التي انطلق منها الى العالمية . واستمر عمر مع لين نفسه ليلعب عدة ادوار في افلام : دكتور جيفاغو والرولز رويس الصفراء والثلج الاصفر , الا ن نجمه اخذ بالافوال شيئا فشيئا حتى وصل الامر به الى المشاركة في افلام لا يتجاوز دوره فيها سوى بضع دقائق كما في فيلم المحارب الثالث عشر عام 1999.
وبعد افول نجمه عاد الى مصر للحصول على عمل بعد ان ضاقت عليه الدنيا حتى انه اعترف ان ابنه طارق هو الذي يساعده ماديا ، وطالما حمل على المخرج الراحل مصطفى العقاد لاختياره انتوني كوين لفيلمه الرسالة رغم ا نه كان يمر بضائقة مالية شديدة.
عمر الشريف يبيع نفسه لشركات الانتاج
اما شهرته العالمية وعلاقاته مع العديد من نساء هوليوود واوروبا ، فكشف عمر في لقاء معه عن حقيقتها ، عندما قال انه كان يسمع بهذه العلاقات الصاخبة مثله مثل باقي الناس عبر الاعلام ولم تكن لها حقيقة بالمرة . والسبب , كما قال عمر نفسه ، انه وبعد ان ذهب الى اوروبا ووقع على عقد للعمل في مجال السينما مع بعض شركات الانتاج , باع نفسه ايضا لهذه الشركات . فعندما كان يعترض على بعض الاخبار التي تتناقلها الصحف عن حياته الشخصية ، كان يرد عليه بالقول انه لا يحق له الاعتراض , فهو الآن ملك شركة الانتاج التي وقع معها العقد , وان هذه الشركة ومن اجل تسويقه وتسويق الافلام التي تنتجها لابد ان تعمل على اظهاره كزير للنساء وانه فتى احلام الكثيرات وانه وانه .. لكي يتحول الى مثال مرغوب في المجتمع الغربي , الذي يحبذ مثل هذه النماذج.
فضيحة الدوحة هي غيض من فيض
ولكي لايتهمنا القارىء باننا نتجنى على الرجل ، سنكون مضطرين لسرد بعضٍ من افعال وتصرفات ومواقف وآراء عمر الشريف ، لا كلّها ، والتي ستثبت وللاسف ان فضيحة الدوحة لم تكن الاولى ويبدو انها لن تكون الاخيرة ، في السجل الشخصي لعمر الشريف.
فالجمهور المصري لن ينسى وصف عمر الشريف له بالجاهل وان هذا الجمهور لايفهم ولايميز بين الفن الجيد والفن الرديء كما يفهمه هو ، كما قال عمر الشريف بعظمة لسانه ، حتى انه استهزأ بالجمهور المصري لانه كان يحب الفنان اسماعيل ياسين عندما قال انه جمهور اسماعيل ياسين .
كما لاينسى الجمهور المصري والعربي كيف عمد عمر على صب الزيت على نار الفتنة التي كادت ان تشتعل بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمصري على خلفية الازمة التي اندلعت على هامش مباراة بكرة القدم بين منتخبي البلدين ، اثناء القاء كلمته بالقرب من اهرام مصر حيث رفض مسامحة الشعب الجزائري , لفعل ارتكبه بعض الجهلة من ابنائه .
وعندما تم اختياره لتمثيل دور عمر المختار في مسلسل مصري رفض والسبب كما قال هو "من يعرف عمر المختار في مصر؟!.. لا أحد يسمع عنه , ومفيش اتنين يعرفونه ... انني لا أستطيع حفظ الحوار كاملا باللغة العربية الفصحى"! .
عمر الشريف في حديثه هذا الذي لايتجاوز السطرين ، اهان الشعب المصري واهان عمر المختار واعترف بجهله باللغة العربية الفصحى في آن واحد!!!.
كما فجر عمر الشريف إبان الثورة المصرية قنبلة من العيار الثقيل عندما تحدث عن المشكلة الاخلاقية التي كان يعاني منها المخرج المصري يوسف شاهين وعلاقته هو بهذا المخرج.
اما عن سلوكه والذي لايرتبط بمرحلة الشيخوخة , فهو سلوك عدواني بامتياز، وكشفت عنه تصرفاته التي ادخلته في العديد من المشاكل وفي اكثر من مكان.
فقد اصدر القضاء الفرنسي حكما عليه بالسجن لمدة شهر مع وقف التنفيذ ودفع غرامة مالية قيمتها 1500 يورو بتهمة توجيه ضربة برأسه الى شرطي في كازينو انغيان لي بان في باريس ، اثر خسارته في لعبة القمار!!.
وأكد عمر خلال جلسة المحكمة انه لايتذكر شيئا عن الحادثة التي تم تصويرها بواسطة كاميرات موضوعة في الكازينو ، وكشفت قيام الممثل الشهير !!! بمهاجمة مسؤول عن لعبة القمار بعدما خسر مبلغ 30 الف يورو تقريبا فتدخل ضابط الشرطة الا ان عمر الشريف عاجله بالشتائم والضرب بالرأس!!!!.
وفي امريكا , مثل عمر امام احدى المحاكم بعد ان تقدم عامل في احد مواقف السيارات في مدينة لوس انجليس يدعى جون اندرسون ، بالادعاء بأن عمر الشريف ضربه واهانه .
وقال اندرسون"ان عمر الشريف استشاط غضبا عندما رفضت اخذ اجرة الموقف بالعملة الاوروبية فصرخ في وجهي وشتمني وضربني ".
وقال عمر انه حاول رشوته بخمسين دولارا ليقول امام الشرطة ان شيئا لم يحدث!!. وطالب اندرسون بتعويض مالي تصل قيمته الى خمسمئة الف دولار امريكي .
هل يحاكم القضاء العربي عمر الشريف؟
ترى أليس من العدل ان يحاكم القضاء العربي عمر الشريف ، كما فعل القضاء الفرنسي والامريكي ، لاعتدائه السافر على صحفية عربية بالضرب والاهانة ، خاصة ان جميع الادلة متوفرة وتدين المتهم بشكل لا لبس فيه؟ ألا يجب ان تتقدم نقابة الصحفيين في قطر او الجهة التي تعمل لديها الضحية برفع شكوى ضد الجاني ليكون اكثر حذرا واقل عدوانية واكثر احتراما للناس ؟ ألا يجب ان تتسلح الصحفية بالشجاعة الكافية لتصفع الشريف عبر القضاء لا عبر الطرق البدائية كما فعل هو ؟ اين الادعاء العام من هذا الاعتداء السافر, الا يجب ان تكون له كلمة في مثل هذه الحالات؟ واخيرا , الا يكون هذا الاجراء في حال تطبيقه رادعا لمن تسول له نفسه ، من امثال عمر الشريف ، ان يعتدي على الاخرين وامام الجميع دون خوف او وجل متحصنا بحصانة الشهرة ؟!!!.
الى المعجبين والمعجبات
أخيرا الصفعة التي وجهت الى وجه احدى المعجبات بعمر الشريف , يجب ان تكون بمثابة الدرس لبناتنا وابنائنا من الذين يفرطون في الانبهار والاعجاب الى حد المرض ، بأشخاص لايعرفون عنهم اي شيء سوى تلك الصورة التي ترسمها الكاميرا لهم والتي تختلف جذريا عن شخصيتهم الحقيقية ، كما هي حال عمر الشريف وامثاله.
ان الاعجاب بفنان ما يجب ان يكون مبنيا على عناصر تمنحها ثقافة المجتمع صفة الايجابية ، لتبقى مؤطرة بقيم هذا المجتمع . والفنان الذي يكثف من معنى وتأثير هذه القيم تمثيلا وسلوكا وموقفا ورأيا , في اطار العمل الدرامي وفي اطار الحياة الشخصية وفي اطار المجتمع بشكل عام , هو الذي يجب ان يحاط بالاعجاب المتزن ، المولد للمثال والقدوة.
في المقابل فأن الاعجاب المبني على الخيال الجامح والقيم الغريبة عن مجتمعاتنا ، والقائم على الغرائز البدائية ، ذلك السلاح الفتاك بيد الدعاية الغربية الاستهلاكية ، والمستمد من العناصر الشوهاء ، لايمكن ان يولد مثالا بل يبقى نتوءا في جسد المجتمع لاينفك ان يذبل ويضمحل ، مهما حاولت الجهات ان تمده بعوامل الاستمرار والحياة.
فعمر الشريف وامثاله يجسدون خير تجسيد هذه النتوءات في مجتمعاتنا , ومن المؤسف حقا ان تثير هذه النماذج الشعور بالاعجاب لدى ابنائنا .
ان الشباب اليوم ، لاسيما بعد الربيع العربي واضمحلال دور الاعلام الموجه من قبل الحكومات ، مطالبون ان يؤطروا نظرتهم الى كل نواحي الحياة بأطار العقل والثقافة التي تستمد قوتها من العناصر الايجابية في تاريخ الامة , ومن بينها نظرتهم الى الفن والفنانين ، حتى لانسوّق نماذج وامثلة وهمية مزيفة , لاتتكشف حقيقتها في اغلب الاحيان وللاسف الا بعد ان تبث سمومها في مجتمعاتنا او توجه صفعة الى كبرياء ابنائنا وبناتنا .





Bookmark and Share

0 comments: