آخر الأخبار

26‏/11‏/2011

رسالة الى رجال السعودية استعدوا.. النساء قادمات


تنشر مجلة "تايم" الاميركية في عددها الذي يصدر يوم الاثنين تقريرًا عن وضع المرأة في المملكة العربية السعودية والتغيّرات التي تشهدها العلاقة بين الجنسين في المملكة، مقترحة على الرجل السعودي أن يبدأ بتعويد نفسه على مشاهد لم تألفها عيناه من قبل كأن تتولى امرأة مقابلة المتقدمين على الشواغر الوظيفية، بحسب المجلة.

وجاء في التقرير أن الحكومة السعودية تعمل على توسيع فرص التعليم امام المرأة بفتح جامعات للبنات بدلاً من الفصل بين الجنسين في جامعات غالبية طلبتها من الذكور، بل دشنت المملكة الشهر الماضي أول جامعة مختلطة (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية) وتحاول الدولة تشجيع المرأة على الانخراط في صفوف القوى العاملة وتقوم برعاية مبادرات لحماية المرأة والأطفال ضد العنف المنزلي.


وتدفع الحكومة مواطنيها الى مناقشة فكرة "التمكين" التي كانت من المواضيع المحرمة بحيث كان تداول المفردة ذاتها ممنوعا في الصحف.


"فحوى الرسالة أنّ النساء قادمات"، على ما تقول الدكتورة مها المنيف، وهي واحدة من ست نساء وقع عليهن الاختيار لعضوية مجلس الشورى، المؤلف من 156 عضوًا يعينهم الملك في هذه الهيئة الاستشارية.


وتضيف الدكتورة مها المنيف "انها خطوة اولى جيدة. فالملك والنظام السياسي يقولان إنّ الوقت قد حان. هناك خطوات صغيرة الآن وهناك خطوات عملاقة قادمة".


يبقى ايقاع التغيير بطيئًا إلى حد موجع بنظر نساء ناشطات من أجل حقوق الانسان وكثيرات غيرهن يتطلعن الى مزيد من الحرية. وهن يتساءلن لماذا لا يقرر العاهل السعودي بجرة قلم ملكية ازالة بعض العقبات غير المعقولة في طريق المساواة؟


وعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من كل الدعاية بشأن النساء الأعضاء الجدد في مجلس الشورى، ما زلن لا يتمتعن بحقوق التصويت التي يتمتع بها نظراؤهن الرجال.


حلفاء المملكة الغربيون يدفعونها لإصلاح أطرها الاجتماعية والسياسية منذ هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. فإنّ خمسة عشر من الخاطفين التسعة عشر في ذلك اليوم جاءوا من السعودية حيث كانت نسخة محافظة من الاسلام ونسبة بطالة عالية وحقوق ديمقراطية محدودة ومواقف متخلفة من المرأة، تغذي مزاجًا من الراديكالية المنفلتة بين بعض الشباب.


وفي شباط/فبراير الماضي أعلن الملك عبد الله تغييرات واسعة في مناصب الدولة لإبعاد بعض افراد الحرس القديم بينهم قاضٍ كبير أفتى ذات مرة بشرعية قتل اصحاب القناة التلفزيونة التي تبث "الانحطاط الأخلاقي".


وقرر الملك عبد الله تعيين وزير للتربية والتعليم مهمته التوثق من أن التشديد في المدارس يكون على التقليد الاسلامي في التسامح، وتعيين امرأة، نورة الفايز، نائبة الوزير لشؤون البنات، وهذه المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة منصبًا بمستوى وزاري.


على الرغم من أنّ الفايز شخصية معروفة وموضع اعجاب – بحسب الصحيفة- فإن تعيينها يكشف ايضًا حدود التغيير الجاري في السعودية، ذلك ان الفايز لا تجتمع مع زملائها الرجال إلا عبر دائرة الفيديو وتطلب موافقة الوزير للظهور على شاشة التلفزيون ورفضت تصويرها لأغراض هذا التقرير وأفرغت شعورها بالاحباط على الصحافة عندما نُشر على الانترنت ما بدا انه صورتها (دون نقاب).


قالت الفايز لمجلة "تايم" انها لا تحمل تفويضًا خاصًا أبعد من تحسين التعليم للبنات. وهي تقول "أنا لا أحب العمل المتسرع. سيكون علي ان أحدِّد اين تكون الحاجات واقوم بترتيبها. أنا اؤمن بالعمل الفرقي".


احتراس الفايز مفهوم. فالبلد كله يراقبها "والضغط هائل كي لا ترتكب خطأ"، تقول الدكتورة حنان الأحمدي، صديقة الفايز وخليفتها على رأس قسم البنات في معهد الادارة العامة ان "عليك ان تثبت انك لا تتخلى عن مبادئك الدينية وعليك ان تثبت ان المشاركة في الشأن العام وتبوّؤ مناصب قيادية لا يهدد القيم الاسلامية والهوية السعودية".


المجهود الرسمي من أجل حقوق المرأة يبدو وكأنه تمرين من بعض النواحي، نوع من الحملة لإعداد السعوديين لشيء جديد. تقول الفايز "إذا اردنا تنفيذ فكرة جديدة علينا اولا مناقشتها. وليس صحيحًا ان تكتفي باتخاذ القرار".

ويمكن رؤية النقاش كطريقة لرسم السياسة في تطور برنامج الأمان الأسري الوطني الذي بدأته عام 1999 مجموعة صغيرة من المهنيات المعنيات بقضية العنف المنزلي.

وتعبيرًا عن مدى الجدية التي ينظر بها العاهل السعودي الى المسألة كلف ابنته الأميرة عادلة بتصدر المبادرة، وفي عام 2006 ساعدت المجموعة في كتابة القوانين الأولى التي تمنع الأزواج من ممارسة العنف ضد زوجاتهم واطفالهم. وقالت الأميرة عادلة لمجلة تايم "بالنسبة إلينا كعرب وسعوديين ومسلمين لا يمكن ان تؤمن بهذه القيم وتنظر الى هذه القصص ولا تريد ان تضع نهاية لها".


يوظف البرنامج الكثير من طاقته لتوعية الرجل السعودي بأن ليس من حقه بعد الآن ان يضرب زوجته وأطفاله، ويبدو ان التوعية كان لها بعض الأثر.


لكن مكافحة العنف المنزلي ليس بالقضية الخلافية، ويقول منتقدون من خارج الحكومة ان الدولة ما زالت تمتنع عن اعتماد طريقة منهجية لإزالة الحواجز بين الجنسين.


وفي حين تحاول الحكومة تشجيع المرأة على دخول سوق العمل مثلا، ليست هناك ضوابط عامة واضحة تحدد ما هو قانوني وما هو غير قانوني في المكتب، على ما يرى عبد العزيز الجاسم، وهو قاض سابق يدير الآن شركة محاماة في الرياض.


وهو يقول إن شركته تريد تشغيل نساء وان "نساء في كليات القانون يرسلن نبذات عن سيرتهن ولكن أين نضعهن؟" من دون مدخل للنساء أو غرف اجتماعات خاصة بكل من الجنسين، تخشى الشركات ان تقع تحت طائلة الملاحقة القانونية.


وليست هناك قوانين حتى الآن تحمي المرأة من التحرش في العمل. ويعتبر الجاسم "أن لا معنى في تعليم البنات إذا لم يتمكَّن من الانضمام الى القوى العاملة".


يدافع الاصلاحيون في الحكومة عن ايقاع التغيير مجادلين بأنه في الحقيقة ايقاع متسارع إذا ما نظرنا الى التحول الذي شهده المجتمع السعودي منذ بدأت الثروة النفطية تغير الثقافة البدوية.


وتقول الفايز: "قبل خمسين سنة لم يكن هناك تعليم للبنات. قبل خمسين سنة لم يكن الناس يتقبلون فكرة المرأة العاملة. أما الآن فالجميع يريدون ان تعمل بناتهم أو زوجاتهم أو يتلقين تعليمًا عاليًا. لا اعتقد ان هذه التغييرات حدثت في اي بلد بسرعة حدوثها هنا". بالطبع ما زال كثير من المحافظين يرفضون التغييرات الاجتماعية التي يدفع إليها الملك.


هناك ايضًا ما يدل على ان كثيرًا من النساء لا يردن تغييرًا راديكاليًا. وأظهر استطلاع حكومي في عام 2006 ان 86 في المئة يعتقدن ان المرأة ينبغي ألا تعمل في بيئة مختلطة وان 89 في المئة يوافقن على ان المرأة ينبغي ألا تقود سيارة.


ولكن حتى النمط السعودي من النزعة الدينية المحافظة ربما أخذ يتغير ببطء. فبعد سلسلة من الهجمات في عام 2003 أغلقت الحكومة مواقع متطرفة على الانترنت واعتقلت مَنْ يدعون الى الجهاد أو كممت افواههم.


كما أمرت السلطات باصلاح الشرطة الدينية، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ذهبت الى حد الاستعانة بمستشارين اعلاميين لتجعل نفسها أكثر ودًا مع المواطنين. وأطلقت الحكومة حملة لتشجيع الرجل على التعامل بشكل ألطف مع المرأة.



Bookmark and Share

0 comments: